إلى عشاق البر والخير في شهر شعبان
إلى عشاق البر والخير في شهر شعبان ...
محمد مؤيد الخزنوي
رئيس مركز الدراسات الاسلامية الكردية والعربية
الحمد ُلله رب ِ العالمين وافضل ُ الصلاة ِ واتم ُّ التسليم على سيد نا محمد طه الامين وعلى موسى وعيسى وانبياء الله اجمعين وبعد:
إِنَّ منْ فضلِ اللهِ تعالى عليْنا ولطْفهِ بنا أَنِ اخْتارَ لنا أزماناً وأوقاتاً نتعرضُ فيها لنفحاتِ رحمتهِ عزَّ وجلَّ ، واظنكم سمعتمْ بقول ِ المصطفىصلى الله عليه وسلم يوم قال ِ: ”افْعَلُوا الخيْرَ دهرَكمْ، وتعَرَّضوا لِنفحاتِ رحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نفحاتٍ مِنْ رَحمتهِ، يُصيبُ بها مَنْ يشاءُ منْ عبَادهِ ، وسلُوا اللَّهَ أَنْ يستُرَ عوْرَاتِكمْ ، وَأَنْ يُؤَمنَ رَوعَاتِكمْ“.([1])
ومنْ هذهِ الأزمنةِ الفاضلةِ شهرُ شعبانَ، فقدْ كانَ صلى الله عليه وسلم يصومُ معظمَ هذَا الشهرِ ،فعن امنا عائشةُ رضيَ اللهُ عنها اذ تقول لنا : ما رأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم استكملَ صيامَ شهرٍ إِلاَّ رمضانَ ، وما رأَيتهُ أَكثرَ صياماً مِنهُ فى شَعْبانَ (2) .
وذلكَ لما خصَّ اللهُ بهِ هذاَ الشَّهرَالمبارك مِنْ رفعٍ للأعمال إليهِ تباركَ وتعالى ، فعَنْ أُسامةَ بْنِ زيدٍ رضي اللهُ عنهما قالَ قلتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لمْ أَركَ تَصومُ شهْراً مِنَ الشُّهورِ ما تَصومُ مِنْ شَعْبانَ. قَالَ : ”ذَلِكَ شهْرٌ يَغْفلُ النَّاسُ عَنْهُ بيْنَ رجبٍ ورمضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفعُ فِيهِ الأَعْمالُ إِلى رَبِّ الْعالَمينَ، فَأُحبُّ أَنْ يُرْفعَ عملى وَأَنَا صائمٌ“3 فهذا الشهر المبارك حرِيٌّ بكُلٍّ مسلمٍ منا أنْ يغتنمها، فيكثر فيها مِنَ الصيامِ اقتداءً بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وتأَسيًا بهِ لفضل هذا الشهر العظيم على قلوبنا . ومِنْ فضائلِ شهرِ شعبانَ أنَّ فيهِ ليلةً مباركةً يتجاوزُ البارِي عَزَّ وجلَّ فيها لعبادهِ عنْ سيَّئاتهمْ ، فيغفرها لهمْ ، ويمحو خطاَياهمْ ، إِذا سلمتْ صدورهمْ مِنَ الشحناءِ ، وَ الضغائنِ , والمكائد... الخ ، فَعَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ عَن ِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ”يَطلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خلقهِ ليلةَ النِّصفِ مِنْ شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقهِ إِلا لمشْركٍ أَوْ مُشاحنٍ“4 والشَّحناءُ مرض ٌ عُضالٌ مَا دَخَلَ قلباً إلا أَفسدهُ، وماَ تسللَ إلىَ نفسٍ إلاَّ أَنْبتَ فيهَا المعاصي والحقد و البغضَ والكراهيةَ، ومااستفحلت في أحدٍ منا إلا حملته علَى هجرِ أهلهِ واخوانه وأقاربهِ وجيرانهِ، كما أنها تمنعُ التوبة و المغفِرةَ عندَ عرضِ الأعمالِ على اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ”تُعرضُ الأَعمالُ فِى كلِّ يوْمِ خميسٍ واثنينِ، فيغفرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فى ذلكَ اليومِ لِكلِّ امرئٍ لاَ يشركُ باللَّهِ شيئاً إِلاَّ امرأً كانتْ بينهُ وبينَ أخيهِ شحناءُ، فيقالُ: ارْكُوا -أَيْ أَخِّرُوا- هذينِ حتَّى يصطلحا، ارْكُوا هذينِ حتَّى يصطلحا“.5 فَعليكم ايها الأحبة الأفاضل أيها المؤمنونَ أنْ تُهيئو أ نفسكَم لاستقبالِ شَهرِ رمضانَ بسلامةِ الصدرِ، ونقاءِ النفسِ، وطهارةِ الجوارح، وإصْلاحِ ذَاتِ البَيْنِ، وإفشاءِ السَّلامِ، وصلةِ الأرحامِ، واطعام ِ الطعام لتدخلو الجنة بسلام فَمَنِ اتَّصفَ بذلكَ فإنَّهُ مِنْ أفضلِ عباد الله وأَحسنهمِ استعداداً لاِستقبالِ هَذَا الشهرِ المباركِ، وقدْ أمرَنَا اللهُ تعالَى بالمسارعةِ إلَى فعلِ الخيراتِ، فقالَ تعالَى :﴿ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ﴾. 6
وكلُّ عام وجميعكم بألف ِ خير وصلى الله ُعلى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
محمد مؤيد الخزنوي
رئيس مركز الدراسات الاسلامية الكردية والعربية.
([1]) رواهُ الطبرانيُّ في المعجمِ الكبيرِ 1/303 حديث رقم 719 .
( 2) متفقٌ عليهِ .
( 3) رواه النسائي 2357.
( 4) رواه ابن حبان في صحيحه 5665
(5) رواه مسلم : 2565 .
(6) المائدة : 48