في حضرةِ الرّحيق المختوم
أنس إبراهيم الدّغيم
جرجناز/معرّة النعمان/سوريا
تظاهرا على الأرضِ الجلالُ و الجمال ، فليس للأرضِ بهما من طاقة .
و احتالَ شذا الأقاحي على أثيرِ الوحيِ فصار وحيُ الشّذا أطيب .
و طارتْ فراشاتُ الجمالِ الرّقيق في مجالِ البيتِ العتيق ، حاملةً روائعَ البشاراتِ من بيتِ آمنة .
للكونِ حينها رفارفُ آياتٍ تُتلى على سمعِ الخليقة في خشوعٍ غريبٍ و سكونٍ مَهيبٍ ، فالأرضُ غيرُ الأرضِ و السماوات .
فكأنّما اقترن الجمالُ مع الجلال في ذرّاتٍ مجتمعةٍ أوتْ إلى حرائيّتها فسُمّيتْ " محمّداً " .
و أقرَّ الوجودُ بفقرهِ إلى هذا الكمالِ النّادر ، و حقائقُ الأيامِ للأيّام أنها جِدُّ صغيرةٌ أمام حقيقةِ النّبوّة .
و قامتْ وحدةُ شهودٍ بين الأرضِ و السّماء ، متمثّلةً بالنّبيّ المحمّد ، صلّتْ عليهِ الثّانيةُ و سلّمتْ عليهِ الأولى ، فالسّماءُ فوق الأرضِ مشهدٌ و الأرضُ تحتَ السّماءِ معبد .
و وقّعَ كلٌّ من الشمس و القمر على وثيقةٍ نصّتْ على أنّهما لو وُضِعا في كفّيْ هذا الكمالِ ، لما غيّرا فيهِ لُجيْنَ عودِه ، و لما حوّلاهُ عن قبلةِ شُهوده .
كتبتها الأقلام على صفحاتِ الغمام ، و طافتْ بها الأنسامُ في مواكبِ الأيام .
و اكتستْ بالنّورِ حبّاتُ الرّمال ، حينَ قال الوَجدُ : أَذّنْ يا بلال .
و غابت الأرواحُ في جلالاتِ الغيوب ، حين استقرّ طيفُ النّبيّ في زجاجاتِ القلوب .
فأمّا الزّبدُ فيذهبُ جُفاءً ، و أما "محمّدٌ " فيمكثُ في الأرض .
نوَّرَ نورُه اللّيلَ البهيم ، و أفاقَ الصّباحُ على خطراتِ النّسيم ، حاملاً في طيّاتهِ كلماتٍ تقول : ( و إنّكَ لعلى خُلُقٍ عظيم ) .
كلّ المخلوقين يسعون إلى الخالقِ ليرضى ، و محمدٌ يقولُ له الخالقُ ( و لسوفَ يُعطيكَ ربُّكَ فترضى ) .
سبّحتْ مع " داوودَ " الجبالُ و أوّبتْ معهُ الوديان ، و على الطّور كلّم اللهُ موسى تكليما ، و محمّدٌ في مكة ينزلُ عليه البيان ( إنّ الله و ملائكته يصلّون على النبيّ ، يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ) .
و أدلتْ هواتفُ الأسحار بصادقِ شهادتها في محكمةِ الجِناياتِ الرّائعات ، أنّها استرقتْ رقائقَ جمالها من مضامينِ الصَّلاةِ عليه .
و توضّاَ النّهارُ في مسيلِ الوقار ، و البدرُ أذّنَ للصّلاةِ على الملأ ْ .
و صارت الأرضُ _كلُّ الأرضِ _ مسجداً و طهورا ، حين قال الغارُ " إقرأ ْ " .
تكادُ تورقُ الأغصانُ و هيَ عواقرْ ، و ترتّلُ الأطيارُ مثانيَّ الكتابِ و هي عجماء ، و تصيرُ السّيوفُ وروداً و هي الحِدادُ البواتِرْ .
( إنّهُ طه الرّسول ) ، إذا أرسلتَ فيهِ البصرَ غابْ ، و إذا استرجعتَهُ فأرجعتَهُ كرّتيْنِ ذابْ .
لا يُزيّنُه وردٌ بلْ يجملُ بهِ الوردْ ، و لا يحلّيهِ شهدٌ بلْ يحلو به الشّهدْ ، فكأنّه للقلوبِ الظّامئةِ وِردٌ و على حرّى اللّواعجِ بَردْ .
و سحبُ الوِصالِ تُمطرُ منازلَ بني سعدْ ( أنّه طه الرّسول ) :
فـكأنّما الأوراقُ في أغصانها رقراقُ و كـأنّـما الأمواهُ في لُجّاتها فيضٌ زبرجدْ حـيـنَ الـهـواتـفُ ردّدتْ قدْ جاءَ أحمدْ قَـرّي بهذا الضّيفِ عيناً وانعمي يا أمَّ معبَدْ للكونِ ما يرجوهُ من نُعمى و نحنُ لنا محمّدْ * * * هذي خيولُ الصّبحِ قادمةٌ كأنّ الصّبحَ طارقْ و مـحـمّدٌ يجري هواهُ على سلاليمِ الزّنابقْ و فصولُ عُشّاقٍ على دُهُمٍ من التّقوى سوابقْ حـرمٌ شـريـعتُنا و حبُّ محمّدٍ فيهِ سُرادِقْ مـن لـم يُـخالطْ حبُّ طه قلبَهُ و اللهِ فاسقْ * * * هـذي خواتيمُ الشّذا ترتاحُ في بُسُطِ الحقولْ و قوافلُ الأزهارِ تستفتي النّدى ماذا تقولْ ؟ قـال الـنّدى و لهُ من المولى إشاراتُ قَبولْ قـولـي سـلامٌ مـن سلامٍ إنّه طه الرّسولْ مـن كـانَ أسوتَهُ النبيُّ محمّدٌ فله الوصول | عسجَدْ