أخي افتح قلبك واسمع مني سبعا
أخي افتح قلبك واسمع مني سبعا
تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرم أحبابه ، فجعل لهم قلوبا رقيقة ، تسمع وتستجيب لكل همسة أو نداء ، حماهم من الغفلة فهم منه وإليه المصير ، جعلهم صفوة خلقه ، ورفع منزلتهم وقدرهم ، ونثر لهم في الوجود ثناءً وذكرا ، أقبلوا على ربهم منكسة رؤوسهم ، ثم تاهوا وطابوا دلالا ، وكسروا بالذل نفوسهم ، فحازوا علما وإكراما ، وجدوا العذاب والتعذيب في رضى حبيبهم عذبا ، واستحْلوا في الله ما كان قاسيا ومرا ، فلك الحمد كل الحمد يارب ، سبحانك تغار على أحبابك ، ولا تتركهم غنما قاصية تأكلها الذئاب ، فهم في عينك ومحط نظرك وتحت رعايتك وإن ذلت بهم الأقدام ، فما ذنبهم والضعف مظهر قدراتهم ، مع العلم واليقين أن في ذنوبهم شقاؤهم ، فافهم المعاني المستورة في عفافها من وراء ذلك ، ولا تكونن من الجاهلين .
اللهم صل وسلم وبارك على من أشرقت أنواره على قلوب ذاكريه فزار أحبابه يقظة ومناما ...... . ( من سلم علي فإني أسمع سلامه وأرد عليه ) ( من صلى علي فإن الله وكل ملكا يخبرني أن هذه صلاة فلان ابن فلان عليك ) فتأدب مع الحبيب محمد .... واعرف من هو نبيك ، فمحمد بشر ولكنه ليس كالبشر بل هو ياقوتة والناس كالحجر .
أخي اسمع مني ما يأتيك عن ثقة ، أوصيك أن تتخيّل كل يوم سبعا ، وجرّب وصيتي أياما قليلة ثم انظر ما يأتيك من خير ما الله أعلم به منك :
تخيّل نفسك كيف تكون وما هو حالك عندما :
1- تأتيك ملائكة الموت تنتزع منك الروح وقد ارتخت مفاصلك ، ومن حولك الأهل والأحباب ، ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) .
2- وضعوك في القبر وتركوك وانصرفوا عنك ، فمن أنيسك حينئذ ؟ ( وإن منكم إلا آتي الرحمن فردا ، لقد أحصاهم ربهم وعدّهم عدّا ) .
3- عرضت على الله حافيا عاريا ، ثم سألك وناقشك الحساب ،( ولسوف تًسألن يومئذ عن النعيم ) ( وعن الفتيل والقتمير ) .
4- أهوال مواقف القيامة حيث الحسرة والندامة ، حشر وعَرََق وطول انتظار ، وتوزيع صحف ونصب ميزان ، ( لقد جئتمونا فرادا كما خلقناكم أول مرة ) .
5- وردت الحوض لتشرب من يد الحبيب صل الله عليه وسلم شربة ماء بيده الشريفة ، فحيل بينك وبين ذاك ، وقيل لك سحقا سحقا .
6- عند اجتيازك للصراط ومن تحت قدميك كلاليب جهنم ، فكم عرضه وأنت تسير عليه ؟ وهل ستقع في جهنم أم أنك ستجتازه برحمة الله ؟ .
7- قوم مُكرمين ، يستظلون بظل عرش الرحمن ، على منابر من نور ، لهم الأمن يوم القيامة . اللهم اجعلنا منهم يارب .
فهل تخيلت الآن ؟ وهل تستطيع أن تتخيل كل يوم ذلك ؟
أخي إياك أن تنظر بغيرية البهاء ، فافهم عمق عبارتي وتذكر مني :
1- تذكر ..... أن الذكرى تنفع المؤمنين وليس الغافلين .
2- تذكر ..... أنه كم من كلمة طيبة أنقذت صاحبها من عذاب العظيم الجبار سبحانه .
3- تذكر ..... أن القلوب المتعطشة إلى ربها ، تستقبل كل كلمة تسمعها فتهيم في حُسن معانيها .
4- تذكر ..... أنه من الناس من إذا ذكرته بربه لا تأخذه العزّة بالإثم ، بل سالت دموعه ، وخشع قلبه ، واطمأنت نفسه ، فقد ذكّرته بحبيبه .
5- تذكر ..... مع من أنت ؟ .
إياك والغرور ( من قال هو في الجنة فهو في النار ) ( إنما الأعمال بخواتيمها ) ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيكون بينه وبين الجنة ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل يعمل أهل النار فيدخل النار ) .
أخي : كن واثقا بأن الله غفور رحيم .
وكن واثقا بأن الله ودود كريم .
وكن واثقا بأن الله عفو لطيف .
حتى لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم جئته لا تشرك به شيئا .
أقبل الوحشي قاتل حمزة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ؛ ليعلن إسلامه وقال له : يا محمد : جئتك مستجيرا فهل تجرني ؟
قال أما أنك جئتني مستجيرا فنعم .....
أسلم الوحشي قاتل حمزة سيد شهداء أهل الجنة ، فافهم المعاني في المباني ولا تكونن من المحجوبين .
قال الأعرابي وهو يبكي ويعانق الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، و يطوف حول الكعبة ، ولا يجيد التلبية اللفظية الكلامية ( لبيك اللهم لبيك ...) فقد أجاد وأتقن تلبية القلب فلله رجال .
قال له الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : يا رجل إن الله سيحاسبك .
قال الأعرابي للحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ( تأمل أخي بالله عليك ولا تكونن من الجاهلين ) قال له : يا رسول الله : لئن حاسبني ربي لأحاسبنه .
قال الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : كيف يا رجل تحاسب ربك ؟ .
قال الأعرابي : لئن حاسبني على ذنوبي لأحاسبنه على مغفرته .
ولئن حاسبني على بخلي لأحاسبنه على كرمه .
ولئن حاسبني على سيآتي لأحاسبنه على عفوه .
بكى الحبيب محمد ... صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ونزل جبريل يقول للحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، يا رسول الله لقد شغل صاحبك ملائكة السماوات عن التسبيح ، فقل له : إن الله يُقرؤه السلام ويقول له : لا يحاسبنا ولا نحاسبه ، وليدخل الجنة بسلام .
الله ... ألله ... ألله ...
إنه الله رب العالمين وما قدروا الله حق قدره
ربنا ما عبدناك حق عبادتك ... وهيهات لنا ، ولكنه الطمع بكرمك وبرحمتك يا رب ، وأنت رجاءنا وأملنا ومولانا ، و لم ولن تُخيب حُسن ظننا بك أبدا ، فلقد خفنا منك ورجوناك ، وأقررنا بذنوبنا ، انقطعت بنا السبل ، وليس لنا يا رب إلا أنت .
اعلم أخي وفقك الله إلى رضاه وحبه : أنك بذاتك عالم من العوالم ، بل كل العوالم تنطوي بك ، وأن الحق سبحانه عندما خلقك ، جعلك مُتعلَّقا من متعلقاته ، تتعلق بك أسماؤه وصفاته وأفعاله ، فكيف يكون توابا وغفارا وعفوا بدون ذنوبك ؟ ( لو لم تخطئوا وتستغفروا لاستبدلنكم بقوم يخطئون ويستغفرون لأنني أنا الغفور الرحيم ) .
فما أنت إلا مخلوق ضعيف فقير مذنب ، وأن للضعف والفقر أسرار ومعاني ، وأن للضعف ما هو له ، نعم للضعف ما هو له ، فتذوق أخي إشارتي .
أخي : افتح يدك وإن لم ترني وتعرفني ، فللكلمات أرواح وأسرار ومعاني تلامس ، ولا يمسها إلا من تطهرت نفسه ، وصفي قلبه ، وأشرقت روحه بأنوار ربها ، افتح يدك من عن بعد ، فليس هناك في التحقيق من بُعد ، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها التقى وما تناكر منها اختلف ، افتح يا أخي يدك وضعها في يدي ؛ لتأخذ بيدي إلى الله سبحانه ، فالناجي يأخذ بيد أخيه ( الأخلاء بعضهم يومئذ عدو لبعض إلا المتقين يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا انتم تحزنون ) .
فهمُّك هو همي ، تلاشت أمام الهم الأكبر والخطب الأعظم كل الهموم والخطوب ، إلا أن يدركنا الله برحمته ، وهو الغني عن العالمين .
اللهم إني عبدك الضعيف ، وأنت الله القوي ، فاجعل قوتي بك لا بغيرك من السِّوى .
اللهم إني عبدك الفقير، وأنت الله الغني ، فاغنني بك عن الخلائق كلها .
اللهم إني عبدك المذنب المسيء ، وأنت الله الغفور الرحيم ، فاغفر لي وارحمني .
اللهم إني عبدك الجاهل ، وأنت الله وسعت كل شيء رحمة وعلما ، فعلمني .
اللهم إني عبدك الضال ، وأنت الله الهادي إلى الصراط المستقيم ، تضل من تشاء وتهدي من تشاء ، فاهدني إلى نور معرفتك .
اللهم إني عبدك الميت ، وأنت الله الحي الذي لا تموت ، وكل الخلائق تفنى وتموت ، ولا يبقى إلا وجهك ، فاحي قلبي يوم أن تموت القلوب وأحيني بك وأمتني عمن سواك فلا أرى في الوجود إلا أنت .
صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم في كل وقت وأوان .
يارب آمين