زمننا وإبل المائة
عيسى مصطفى
لقد أعطى الله جلا وعلا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم آيات دالات على صدق نبوته ورسالته ومن هذه الآيات الدالات التي أعطها الله جلا وعلا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم التي تحتوي على معان عظيمة جليلة وفوائد كثيرة متنوعة ولذا فإننا سنقف مع بعض هذه المعانيَ العظيمة الجليلة من خلال وصف النبي صلى الله عليه وسلم حال الناس في أخر الزمان بإبل الْمِائَةِ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً لأن أهل الفضل في أخر الزمان عددهم قليل ولهذا شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بمائة من الإبل يبحث فيها صاحبها عن واحد تَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ فلا يجد إلا واحدة سَهْلَة الِانْقِيَادِ تَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ وهكذا يكون حال الناس في أخر الزمان كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ لا تَجِدُ فِي مِائَةٍ مِنْ النَّاسِ إلا رجلاً سهلاً ينفع الناس ولو طبقنا هذا الحديث على واقع الناس وحياتهم لوجدنا أنه ينطبق على كثير من الناس اليوم فلو نظرنا مثلاً إلى حال كثير من المسلمين اليوم في استقامتهم على دينهم والتزامهم بأمر ربهم وطاعة رسولهم لوجدناهم كالإبل المائة لَا تَكَادُ تَجِدُ فيهم راحلة فكم من المسلمين اليوم نقضوا كلمة لا إله إلا الله بأفعالٍ شركية تناقض أساس هذه الكلمة من أصلها دون تبقى لها أثراً إلا أثرُ تمتماتٍ وهمهماتِ تخرج من بين الشفاه عدة مراتٍ في اليوم والليلة دون أن تفيد صاحبها بشيء وكم من المسلمين اليوم اجتثوا أصل هذه الكلمة بدعاء أموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرا وكم من المسلمين اليوم هجروا سنة نبيهم وأحلوا محلها أموراً ما أنزل الله بها من سلطان وكم من المسلمين اليوم حالُ أخوّتهم ومودّتهم وصداقتهم لبعضهم البعض كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة بل إن وضع البعض منهم أشبه ما يكون بحال الناس يوم القيامة كلٌ يقول نفسي نفسي أنانية مفرطة وحب كبير للذات ولهذا قَالَ الْقُرْطُبِيّ رحمه الله تعالى أَنَّ الرَّجُل الْجَوَادَ الَّذِي يَحْمِل أَثْقَال النَّاس عَنْهُمْ وَيَكْشِف كُرَبَهُمْ عَزِيزُ الْوُجُودِ كَالرَّاحِلَةِ فِي الْإِبِلِ الْكَثِيرَةِ وهذا الذي نراه اليوم في عالم محاطٍ بهالة كاذبة خادعة الكل يقول ويتحدث عن أهمية ومكانة المسجد الأقصى المبارك لديه وأن المسجد الأقصى هو خطٌ من الخطوط الحمراء ولكن المحك وواقع الأمر يبرز لنا أنه غير ذلك يبرز لنا خيانة تلو خيانة وذل وراء ذل وانتكاساً وراء انتكاس رغم المخاطر الحقيقية التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك من حفر أنفاقٍ واقتحاماتٍ لفرض الأمر الوقع وتقسيم المسجد الأقصى المبارك كما قسم من قبله مسجد خليل الرحمن وتمهيداً لبناء الهيكل المزعوم والنَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً إلا من رحم ربي وهم الذين تحدث عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(( لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ )).