خواطر رمضانية 5

د.محمد إياد العكاري

خواطر رمضانية 5

ليلة القدر

د.محمد إياد العكاري

[email protected]

مضت العشرة الأولى من رمضان بعد أن هبَّ نسيمُها علينا بأعطرِ النَّفحات وأغدق المولى سبحانه فيها على عباده بأندى الرَّحمات فما ألطفها وأنداها0

وتبعتها العشرُة الوسطى من هذا الشهر الفضيل حيث أشرقَ نورُها بالعفو والمغفرة ويا لها من فضلٍ ومنةٍ منه سبحانه يمنحها للمؤمنين الصَّادقين والصَّائمين القانتين والمستغفرين التَّائبين فما أعظمها وأكرمها0

وهاهي العشر الأخيرة تطلُّ علينا بإشراقاتها البهيَّةِ، وأنوارها السَّنيََّّةِ لتملأ دنيانا لألاءً، وضياءً، وتغمرَ قلوبَنا صفاءً فهاهي تُرسل إلينا الدَّعَوَاتِ الخالصات للسَّهَرَات الرمضانية والعطايا الرَّبَّانية التي يفيضُ فيها الله سبحانه وتعالى بالسَّلام والرِّضا على من يشاء من عباده ليمنَّ عليهم بالرِّضا والقبول ويمنحهم السَّلام والوصول أجل الوصول إلى رضوانُ الله ودرجاته العلى يا سعد من نالها وحظي بنوالها وهاهي الليالي الأخيرة من هذا الشَّهر الكريم تنثر لألاءها وتنشرخيرها وفضلها مع تباشيرها لترسل بلطيف دعواتها لنا وخالص سرورهابحضورنا وأسمى تمنياتها وأسناها لمن يُقبلُ عليها بقلبه وقالبه، وكيانه وإحساسه مخلصاً لربِّه، متبعاً هداه، ممجِّداً مولاه وهاهم وفودُها من الملأ الأعلى متهيئين للاستقبال مبتهجين بالإقبال فمن مِنَّا يلبِّي ؟ومن منا يُقْبِل ؟؟ ومن منَّا يتجاوب مع هذه الدَّعوَةِ الكريمة؟؟

الخيرُ كلُّه بلياليها، والنُّور ملءُ محيَّاها، والسَّلام رسالةُ رضاها ، فيها ليلةٌ خيرٌ من حياة الإنسان وعمرُهُ كلِّه بل وخيرٌ من ألف شهر ومن منَّا يحييها.يستطيع أن.يصل إليها ويدركَ ثواب الألوف من الشُّهور بقيام الليالي العشر الأخيرة من رمضان وتحرِّي ليلة القدر فيها وفي أوتارها بالخاصة أجل نستطيع أن نُدركَ ثواباً عظيماً في تلك الليالي فسبحانك يا الله ما أعظمك يا واسعَ المنِّ والعطاء يا عظيم الفضلِ والجود يا مضاعف الأجر والثَّواب لمن يشاء في تلك الليلة العظيمة الفضل كبيرة القدر عالية الشرف والمقام قال تعالى ((إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهرتنزَّل الملائكة والرُّوحُ فيها بإذن ربِّهم من كل أمرٍ سلامٌ هي حتى مطلع الفجر))

في تلكَ اللَّيلة الغرَّاء العظيمةِ المقام نزل القرآن الكريم كلامُ الله سبحانَه من اللَّوح المحفوظ إلى السَّماء الدُّنيا وبيتِ العِزَّةِ فيها لينزل بعدها مفصَّلاً على مدار ثلاث وعشرين عاماً كما قال ابن عباس :

أنزل الله القرآن جملةً واحدةً من اللوح المحفوظ إلى بيتِ العزَّة من السماء الدنيا ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائِعَ في ثلاثٍ وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى ((وقرآناً فرقناه لتقرَأَهُ على النَّاسِ على مكثٍ ونزَّلناهُ تنزيلا قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنَّ الذين أوتوا العِلمَ من قبلهِ إذا يتلى عليهم يخرُّونَ للأذقانِ سُجَّداً ويقولون سبحان ربِّنا إن كان وعدُ ربِّنا مفعولا ويخرُّون للأذقانِ يبكون ويزيدَهم خُشوعا)) الإسراء(106-108)

هذا هو القرآن الكريم الذي نزل في ليلةِ القدر فأعلى قد رها وشرفها بنزوله فيها وهذا هو حالُ القرآن الكريم مع المؤمنين الصَّادقين والعُلماءِ العاملين يعلي قدرهم ويعلِّمُهم ويهديهم سبُلَ السَّلام ، ينوِّر بصيرتهم وتشرق صدورهم فيجعل قلوبهم خاشعة، ونفوسهم قانعة، وعيونهم لامعة ،ومشاعرهم دامعة، ليأخُذَ بأيديهم إلى دار السَّعادةِ والخُلود فما أعظم هذه اللَّيلة وما أجلَّها وأشرف قد رها وهاهو جبريل عليه السلام يتنزل مع ملائكة الرحمن في تلك اللَّيلة البهيَّة الطلعة ليحتفي بالمؤمنين الصَّادقين والصَّائمين القائمين والمستغفرين التائبين ليبشِّرَهُم بالرَّحمة والغُفْران والرِّضا والسَّلام من ربهم أجل هذه هي ليلةُ السَّلام من المؤمن السَّلام تنشرُ السَّكينة والسَّلام وترسل التَّحايا والسَّلام وتمنح الرِّضا والسَّلام ((سلامٌ هي حتى مطلع الفجر)) القدر(5)

من أحياها ظفر ومن قام وتهجَّد فيها سبح في ملكوت القدُّوس السَّلام ذي الجلال والإكرام الذي يفيضُ على عبادِهِ بالأنسِ والسَّلام والرِّضا والقبول في تلك اللَّيلة العظيمة فهنيئاً لمن تحرَّاها في العشر الأخير وسعى إليها جاهداً فعمر أيَّامها بالصَّالحات وأغناها بالبرِّ والصَّدقات وتقرَّب إلى الله فيها بجميع أنواع البر والقُربات تجاوب مع أيَّامها بالصِّيام والتَّعبد وقَبِلَ الدَّعوةَ في لياليها فأحياها بالقيامِ والتَّهجُّد فَسَبحَ بالبرِّ ليسبح بالرِّضا وعمرها بالخير ليفوز بالرِّضوان وقامَ لياليها ليمنحَ السَّلام وأطفأ شهوات نفسه ونزوات شيطانه ليرتقي صعداً لأعلى الدَّرجات فيفوز بالجِنان ويُعْتَقَ من النِّيران فمن منَّا يحييها ويقبلُ عليها ليفوزَ بالسَّعد والسَّعادة وينال السَّلامَ والرِّضوان ؟؟

اللهم يا من رحمته وسعت كل شيء يامن يغفر الذنوب جميعاً يا باسطاً يده بالليل ليتوب مسيء النهار وباسطاً يده بالنهار ليتوب مسيء الليل يا من قلت ادعوني استجب لكم هانحن ندعوك بأكف الضراعة ودموع الندم وعزيمة التوبة النصوح \"

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا \"

اللهم اجعلنا ممن تنالهم حظوة القبول في تلك اللَّيلة الغرَّاء اللهم آمين

والحمد لله رب العالمين