رحلة روح
رحلة روح
خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)
وكأن الروح في لحظات سموها وتجليات فكرها وسبحات مشاعرها ،تبسط أجنحتها في فضاءات الليل المتباهي بنجوم مسائه .. المختال ببدر تربّع على عرش كبريائه .. تشقّ طريقها بثقة وثبات متعالية على كل الحواجزوالقيود .. متسامية على أي عوائق أو سدود .. مترنمة بأغاريد تسطّر فيها بهاء المجد والخلود .. وكأني بها في غمرة نقائها ترتدي حلة من نور تليق بسهرة أنس تناجي فيه بدرها .. تميس رقة باذخة تحاكي نجوما تزين سماءها .. تخطر بجمالها متخذة سحرَ الكون عنوانَها
وفي لحظات انطلاقتها الرهيفة ترافقها حروف من لجين تبوح بأسرارها مبدية ما كان محتجزا خلف أسوارها ناثرة عبير خواطرها وأشعارها .. فلا تبدو إلا كشخص كان يعاني اكتنازا يثقل حركته .. ويبطئ خطوته .. ما لبث أن تحرر من اكتنازه .. فغدا بخفة ومهارة يخطو دربه .. وكطير طليق يجاري سربه .. أو كأني بها فراشة أنيقة تغازل زهرة رقيقة سلبت لبها بجمالها وأغرتها بعذوبتها ودلالها .. وفي أفناء فكرها وانطلاقة خيالها ، تغدو كمن يرشف رحيق الحياة يستقي كؤوس هنائها أو كمن يعبّ من معين نبع زلال يختزنه لمصاعب الحياة وجفافها ..
فكم تسعد الروح برحلتها هذه ..وكم تتعالى فيها عن كل أمر تافه ..وما أجملها من لحظات تقتبس فيها من رياض الأنس والرضا ما لذ وطاب وتعلو متسامية فوق هام السحاب .. ليكون هذا هو الإحساس الحقيقي بالحياة ...والبلسم الشافي لكل ألم يعبث بالنفس ويطغى في مداه .. ويا لها من رحلة للروح .. تجعل النفس ما بين اللذة والرضا تسعى وتروح .
مرحى لها وطوبى لجنائن دربها