العمل في الإسلام 1
مخطوطة بيد الشيخ أحمد الحصري
العمل في الإسلام (1)
الشيخ أحمد الحصري
المؤمن و العمل (2 )
المؤمن بالدين الإسلامي خاصة لا يندفع إلى العمل الدنيوي و لا يساق سوق القطيع لا يدفعه إليه قهر حكومي أو ضغط خارجي أو رقابة من سلطة تهدده بالجوع و الحرمان و العذاب الهون ، و إنما يندفع المؤمن إلى
العمل بحافز من نفسه و باعث من ذاته ألا و هو الإيمان بالله و رسوله صلى الله عليه و سلم و بمهمته في عمارة الأرض و سيادتها .
1 - إن المؤمن ليشعر بأن السعادة في الآخرة و النجاح في الأولى موقوف على العمل ، فالجنة في الآخرة ليست جزاء لأهل العطالة والكسل و الفراغ بل لأهل الجد و العمل و الإتقان " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون " الآية
فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " الآية
روي أن مجلساً ضم جماعة من اليهود و النصارى و المسلمين فزعمت كل طائفة منهم أنهم أولى الناس بدخول الجنة ، اليهود قالوا : نحن أتباع موسى الذي اصطفاه الله برسالته و بكلامه ، و النصارى قالوا : نحن أتباع عيسى روح الله و كلمته ، و المسلمون قالوا : نحن أتباع محمد خاتم النبيين و خير أمة أخرجت للناس فنزلت الآية حاكمة فاصلة " ليس بأمانيكم و لا بأماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به و لا يجد له من دون الله ولياً و لا نصيراً . ومن يعمل من الصالحات من ذكرٍ أو أنثى و هو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة و لا يظلمون نقيراً " .
2 – المؤمن لا يكتفي بالاندفاع الذاتي إلى العمل ، بل يهم أن يجوده و يبذل جهده لإحسانه و إحكامه لاعتقاده الجازم أن الله يراقبه و يراه في مصنعه أو مزرعته و في أي حال من أحواله ، إن الله كتب الإحسان على كل شيء و الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . و قوله إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه .
3 – و الأمانة و الإخلاص يتوقف عليهما جودة العمل لا مجرد الكسب المادي . " و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون " . و المؤمن يحرص على الوقت لأنه عنه مسؤول فإن الله سائله عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه .
قال عمر بن عبد العزيز : إن الليل و النهار يعملان فيك فاعمل فيهما .
و المؤمن يشعر بأن كل يوم تبزغ شمسه يخاطبه بصوت جهير ( أيها الإنسان أنا خلق جديد و على عملك شهيد فتزود مني و اغتنمني بعمل الصالحات فإني إذا مضيت لا أعود أبداً .
4 – المؤمن يعمر أرض الله و يعلم أن الله مستخلفه فيها " هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها " . " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله " .
عمر و القوم القابعون في المسجد فسألهم من أنتم قالوا نحن المتوكلون على الله فعلاهم بالدرة و قال لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقني و قد علم أن السماء لا تمطر ذهباً و لا فضة و أن الله يقول " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله " .
( 1 ) اقترح هذا العنوان ابن الشيخ – عبد المعز – لعموم الفائدة .
( 2 ) العنوان من المخطوطة كما ورد فيها .
* ملاحظة هذه مخطوطة وجدها ابن الشيخ بعد أربعة عقود و هي بخط الشيخ كما وردت فيها .