لست أنا

عادل هندي * - مكتب القاهر

[email protected]

أغلقت الأبواب، وأوصدت النوافذ جيدا، في جوف الليل .. لا  لأصلي ركعتين أو أتعبد قياما لله وذلك محتمل - لما يعرف عني أني الطائع العابد- أغواني وأهواني شيطاني، وكنت أطلب اللجوء إلى الله سابقا.. الآن أصبت بالجرأة لا لجرأتي عليه ربي –حاشاني- ولكن لضعف نفسي المقصرة المذنبة.

أخي القارئ:  ما أجمل أن نعترف بالتقصير، ويكون حديثنا دوما التوبة والأوبة والرجوع إلى الله العلي سبحانه، فلا مكان للتبجح ولا التنطع ولا اليأس ، بل شعار المسلم دوما اللهم اغفر تقصيري واغفر لي ما لا يعلمه عني الناس.

ليس هناك أحد معصوم-إلا الرسول-  من الخطأ والذنب؛  حتى من تجده لك ناصحا ومذكرا بالله ولكن الفرق بينك وبينه:  أنه يعرف من أين يدخل على الله؟!!!... بالدعاء واللجوء والبكاء والتباكي والانكسار.

وبعد الذنب تكتشف أنك لست أنت .. إذا من هذا الذي كان منذ قليل يذنب في حق الله .. أهو هو ذلك الرجل القائم المصلي المزكي العطوف الرؤوف ....؟!! نعم إنه هو –كما قلنا-ولكن للذنب فوائد:

الفائدة الأولى: معرفة قيمة النفس البشرية وأنها ليست إلا نفساً.

الفائدة الثانية: لا مجال للغرور بالطاعة ولا للتكبر فقد انكسرت النفس بالذنب.

الفائدة الثالثة: فتح باب جدبد للإقبال على الله تعالى.

الفائدة الرابعة: تكسب العبد علما بفن الإنكسار اللذيذ .

الفائدة الخامسة: أنها تكسب العبد سعادة غامرة بعد الطاعة، فرب ذنب أكسب العبد ذلا وانكسارا، ورب طاعة أورثت عبدا عزا وافتخارا.

وبعد كل هذا لا مجال إذا للعجب من نفسك فأنت أنت ، ولكن عليك العودة ومخاصمة ذنبك.. فأنت المسلم وأنت الداعية وأنت صاحب الخيرية وأنت الشامة في العالم، وأنت الذي ستشهد على الأمم يوم القيامة، فأهل أنت لأنت تترك الذنوب وتعالج نفسك سريعا بالعودة والأوبة والبكاء. وأسأل الله لنا ولك التوبة والمغفرة والقبول. "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"

من مذنب مثلك.

              

* معيد بجامعة الأزهر..... وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية ..... وعضو نقابة القراء

ومسئول الاستشارات والفتاوى بمؤسسة الإسلام  اليوم بالقاهرة

وباحث ماجستير في العلاقات الإنسانية والشخصية الإيجابية في الحياة