بركة الرسول الكريم

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

(1)

جراب بلال

روى الواقدي رحمه الله فقال : حدثني يونس بن محمد عن يعقوب بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجل من بني سعد بن هُذيم قال :

جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بتبوك في نفر من أصحابه وهو سابعهم ، فوقفت فسلّمتُ ، فقال : اجلس .

فقلت : يا رسول الله ؛ أشهد أنْ لا إله إلا الله وأنك رسول الله .

قال صلى الله عليه وسلم : أفلح وجهُك . ثمّ قال : يا بلال أطعمنا .

قال: فبسط بلال نطعاً ( بساطاً من جلد ) ، ثم جعل يُخرج من جراب له ، فأخرج بيده من تمر معجون بالسمن والأَقِط .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلوا .. فأكلنا حتى شبعنا .

فقلت : يا رسول الله ؛ إنْ كنتُ لآكل هذا وحدي .

فقال رسـول الله صلى الله عليه وسـلم : الكافر يأكل في سبعة أمعاء ، والمؤمن يأكل في مِعىً واحد .

قال : ثمّ جئته من الغد متحيِّناً لغدائه لأزداد يقيناً ، فإذا عشرة نفر حوله .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هاتِ أطعمنا يا بلال .

قال : فجعل بلال يُخرج من جراب تمراً ، بكفـّه قبضة قبضة .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَخرِجْ ولا تخَف من ذي العرش إقتاراً ...

قال : فجاء بلال بالجِراب ، فنثره ... قال سعد : فحَزَرْتـُه مُدّين .

قال : فوضع النبيّ صلى الله عليه وسلم يده على التمر ، ثمّ قال : كلوا باسم الله .

قال الرجل : فأكل القوم وأكلتُ معهم ، وكنت صاحب تمر .

قال : فأكلت حتى لم أجدْ له مسلكاً ، وبقي على النطع مثلُ ما جاء به بلال ، كأنا لم نأكل تمرة واحدة!!!.

قال : ثمّ عُدْتُ من الغد ، وعاد نفر حتى باتوا ، فكانوا عشرة أو يزيدون ،

 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال أطعمْنا .

قال : فجاء بلال بذاك الجِراب بعينه ، أعرفه ! ، فنثره .

 فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، فقال : كلوا باسم الله .

قال : فأكلنا حتى نهلنا ، ثم رفع مثل الذي صَبّ ، ففعل مثل ذلك ثلاثة أيام .

(2)

وادي المُشّقِّقِ

قال ابن إسحاق في سيرته :

وكان في الطريق – إلى تبوك – ماء يخرج من وشَل ( الماء القليل يسيل من صخر أو جبل ) ما يروي الراكب أو الراكبَين والثلاثة ، بواد يقال له : وادي المشقّق .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من سبقنا إلى ذلك الوادي  فلا يَستـَقِيَنّ منه شيئاً حتى نأتيه .

قال – ابن إسحاق – فسبقه إليه نفر من المنافقين ، فاستَقـَوا ما فيه .

فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم يرَ فيه شيئاً . فقال : من سبقَنا إلى هذا الماء ؟ ! فقيل له : يا رسول الله ؛ فلان وفلان .

فقال : ألم أنههم أن يستقوا منه شيئاً حتى آتيه ؟! ثم لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا عليهم . ثم نزل ، فوضع يده تحت الوشل ، فجعل يصب في يده ما شاء الله أن يصب ، ثم نضحه به ، ومسحه بيده ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما شاء الله أن يدعو به .

فانخرق من الماء – كما يقول من سمعه – ما إنّ له حِسّاً كحِسّ الصواعق . فشرب الناس ، واستتقـَوا حاجتهم منه .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيتم أو من بقي منكم لتسمعُنّ بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه .

...............................................

وماء تبوك اليوم ذات ماء كثير ، وهي من أخصب البلاد حولها ...

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.