أضعف الأيمان حسنـة ...
كتابنا الأفاضل, مجتمعنا اصبح كالحليب الرائب, فقد خواصه وطعمه وابتلعت زبدته قطط الحواسم, نحن بأمس الحاجة الى جهد تنويري لخلق المعجزة وقلب المستحيل, لا تبذروا طاقاتكم ووقتكم خلف هذا بالضد من ذاك, فالخراب الذي احدثه الأحتلال لا تصلحه الا معاول الحقيقة العراقية, انها مسيرة دمار على امتداد اثنا عشر عاماً من الشحن الطائفي العرقي, فأن لم نحتمي بالوطن ويحتمي بنا, فخيارنا مخابيء لقطاع الطرق, لا تتفاءلوا فليس هناك ضوء في نهاية نفقهم.
حالة انفصام وتشظي وتخلف معرفي رافقت الشخصية العراقية منذ الأندماج غير المتوازن بين البداوة الغازية والحياة المدينية, ثغرة نفذت منها الأطماع الدولية والأقليمية وتغلغل المشروع الأمريكي في العمق, حيث مجزرة القيم والحميد من التقاليد والأعراف التي كان انقلاب 08 / شباط 1963 ساعة صفرها, حتى اصبح العراق دولة ومجتمع يعيش مرحلة العوق والضعف والأنهيارات .
النفاق المؤدلج للمشروع الأمريكي, مرر ورسخ مراحل الكارثة على الواقع العراقي, انهيار وطني غير مسبوق, ثم وضع كامل نتاج الأنتكاسة تحت تصرف المشروع الطائفي لقوى الأسلام السياسي, تلك القوى التي كانت منهكة بالخوف والتشرد من داخل بيئة التبعية والأرتزاق, كانت جاهزة ان تكون اداة فساد شامل وخيانات سافرة, انها تقاسيم حاضر بائس ومستقبل اكثر سواداً.
من نحن .. وانتم .. وهم .. وأين .. ؟؟
شيعة ام سنة ام كرد ام وجبة على الموائد الدولية والأقليمية ام مناطق عزل لخذلان الذات والشقيق ام هياكل في متاحف الأنانية مسكونة بالماضي, ام عتمة للطوائف والمذاهب والتخلف القبلي ام متروكات سلفية على ارصفة الحياة واكوام خرافات تركها تاريخ مستخرف.
التخمر الأجتماعي والعفن يبخرا الآن جسد الوطن من زاخو حد الفاو, ليس هناك من هو افضل, فالنخبة تستحم بالفساد والدولة مستنقعها, حالة افتراس مؤسساتي والمواطن وجبتها اليومية, الكل ينطقون بما لا يشبه حقيقتهم, ومن المستحيل اصلاح الخراب بأدواته, والنفس الأخير للقيم والأعراف والتقاليد الحميدة اختنقت به رئـة المجتمع, المخيف في الأمر ان الواقع المنحرف افرز حكومة من صميم روحه, الأصلاحات والمتغيرات الأيجابية ليست من صلب وظيفتها.
يمكنك ايها الكاتب العزيز ان تزور أية دائرة حكومية وخاصة في الجنوب والوسط, ستجد الحقد متشنجاً بين الموظف والمراجع, حالة استحقار واذلال واستسلام مضاد, المواطن ينتظر الأفراج عن معاملته والموظف ينتظر مقسومه, الرشوة اصبحت مشرعنة بقوانين الظل وعلى المواطن احترامها, الأمر ليس حالة استثنائية, فالوزارة الفلانية استأثرت فيها عائلة الوزير الفلاني, والوزارة العلانية طابو لعائلة الوزير العلاني ـــ وظل البيت لمطيره ـــ وهكذا ابتدأ الخراب من القمة والحكومة منظومة ارشاء وافساد والموظف يمثلها في استلاب المواطن, انه تقليد اكتسب قانونيته ودستوريته ايضاً .
سليلي ثورة الحواسم, قفزوا الى قمة سلطات الدولة وتصدروا مراكز سيادية في السياسة والأقتصاد والقوات المليشياتية, كيانات مستحقرة تحت الأذلال الأمريكي, انها اداة لأذلال المجتمع نيابة وفرض واقع الأستسلام على ردود افعاله, تلك الرموز التي تشكلت منها حكومات الأحتلال المتعاقبة, مجاميع لصوص مكبلة السمعة بملفات فساد وتبعية وخيانات وعلاقات ارهابية مشبوهة تمتلك السفارة الأمريكية نسخها الأصلية كاداة تاديبية لمن يحاول ان "يحك ظهره".
الأسوأ ما فيهم, من يحاول ان يعارض غيره, انه في الواقع يعارض نسخته, جميعهم ربما (دون استثناء) تدربوا داخل مراكز تدجين واحدة, الفضائح تهدد اعناقهم السياسية والأجتماعية والأقتصادية, يجمعهم فائض المنقول وغير المنقول الذي تراكم بطرقهم المشتركة, ويجمعهم الخوف من العراق لو انتفضت كلمته, انهم سوف لن يتفرقوا وبيضات الوطن تحت جعبتهم, فلماذا نتفرق نحن خلف باطلهم, شخصياً لم اصدق هلوسات من يدعي الخروج عن القطيع وذيله مشدوداً الى وتد المنطقة السوداء.
ديمقراطية الأسلام السياسي, كالأشتراكية الرشيدة لعبد السلام عارف او رسالة البعث الخالدة, الذي تستطيعونه ايها الكتاب الأفاضل, فقط ان تعروهم اوساخاً على الجسد العراقي, بعدها سيكتب التاريخ لكم حسنـة, وهذا اضعف الأيمان.
وسوم: العدد 626