التكبير والتضحية في أعياد المسلمين
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وإخوانه المرسلين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وتقبل الله منا ومنكم .
في يوم العيد يكبر المسلمين ،الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، كما قال تعالى : : ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّـهِ». أخرجه مسلم
فالتكبير له أهمية عظيمة في حياة الفرد المسلم وللأسرة المسلمة والمجتمع المسلم ، فهو يوثق علاقته بالله – عز وجل– ويشعره أن الله قريب منه ، ويعطيه قوة نفسية عظيمة ، لأنه يردد الله أكبر، الله أكبر من كل شيء ، أكبر من كل ظالم ، وأكبر من طاغية ، وأكبر من كل قوى الشر التى تجتمع لتبعد الإنسان عن فعل الخير.
ويتطلب التكبير: أن تُكبر قلوبنا قبل أن تُكبر ألسنتنا فيستشعر القلب أن الله أكبر من أي شيء .
كما يتطلب التكبير: تضحيات يقدمها المسلم في سبيل دينه ونهضة وبناء وطنه والمجتمع الذى يعيش فيه، ويشارك في ذلك المجتمع المسلم كله كما حدث وضحت أسرة إبراهيم - عليه السلام-، ليعيش المجتمع السعادة الحقيقية.
فهذا نبي الله إسماعيل – عليه السلام- ، كان نموذجا لتضحية الشباب لدينه ووطنه ،ففي مثل هذا اليوم وهو شاب صغير يأتيه والده إبراهيم – عليه السلام – وهو يقول له : ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى﴾[الصافات : 102]فبماذا رد عليه إسماعيل – عليه السلام - ؟﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات : 102].
وانظر إلى النتيجة التي حصل عليها إسماعيل بعد تضحيته من أجل دينه:(نجاه الله من الكرب -وفداه بذبح عظيم- وجعله نبيا - بوارك الله عليه في الآخرين - وخلد ذكره بالأضحية من كل عام إلى يوم الدين.)
وإبراهيم – عليه السلام - نموذجا لتضحية القائد من أجل دينه ووطنه ،فقد ابتلاه الله بالذرية على كبر فأنجب إسماعيل - عليه السلام - ثم ابتلاه بعد أن رآه يكبر أمام عينيه أن يذبحه ، واستسلم لأمر ربه ، فما كان من الله – عز وجل - إلا أن نجاه من هذا المحنة والابتلاءات ، كما قال الله تعالى : ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) ﴾ [الصافات ]
والمرأة ، لابد أن يكون لها دور في هذا الوقت كما كان من قبل ، بل عليها الدور الكبير لأنها نصف المجتمع وتلد المجتمع وتربيه فهى المجتمع كله.
وهاجر –رضي الله عنها – نموذجا لذلك: فقد ولد لها ولد ، وأخذها زوجها مع ولدها الرضيع إلى مكان ليس به زرع ولا ماء ولا بشر، وأمر زوجها بذبح ولدها .
فضحت بكل ذلك وصبرت على كل هذه الابتلاءات ، وكانت النتيجة والثواب من الله - عزوجل- أن خلد ذكرها بمناسك الحج كالسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرة الوسطى ، وجعل لها ثواب إلى يوم الدين بسبب ماء زمزم ، وجعلها زوجا لنبي الله إبراهيم ، وأمًا لنبي الله إسماعيل ، وجده لخير الأنبياء محمد – صلى الله عليه وسلم- ، والفوز في الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون كبروا وضحوا من أجل وطنكم ودينكم ومجتمعكم ، واملؤوا الكون بالإيمان والسلام والمحبة والتسامح،
لأن هذه هي مهمتكم التي وكلكم الله إياها، ولا تنسوا أن تقفوا بجوار المظلومين وتمدوا يد العون إلى المحتاجين ، فالله في عون العبد ما دان العبد في عون آخيه.
تقبل الله منا ومنكم ، وكل عام وانتم بخير
وسوم: 634