بر الوالدين .. في الميزان
عند قراءة قول الله تعالى: (واعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً) سورة النساء
تلاحظ أن الله قد قرن توحيده ـ وهو أهم شيء في الوجود ـ بالإحسان للوالدين..
ليس ذلك فقط بل قرن شكره بشكرهما أيضاً.
قال تعالى: (ووَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْناً عَلَى وهْنٍ وفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوَالِدَيْكَ إلَيَّ المَصِيرُ (14) وإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً واتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلَيَّ ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)سورة لقمان.
يعني هذا : لو وصل الوالدان الى مرحلة حثك على الشرك بالله وجب علينا أن لا يطيعهما ولكنه وجب برهما.
ورضى الوالدين وبرهما في الأمر سواءاً بسواء،
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يجزي ولدٌ والداً ، إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيُعتقه ) رواه مسلم .
أي يجزيه من الخير والبر .
بل هي من المواثيق التي أخذت على أهل الكتاب من قبلنا..
قال تعالى: (وإذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إلاَّ اللَّهَ وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً وذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (83) سورة البقرة.
إن بر الوالدين بعد الصلاة على وقتها مباشرة في أحب الأعمال إلى الله..
فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: ((الصلاة على وقتها))، قلت: ثم أي؟
قال: ((بر الوالدين))، قلت: ثم أي؟
قال: (( الجهاد في سبيل الله)). متفق عليه.
وأقبل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد؛ أبتغي الأجر من الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (فهل من والديك أحد حي؟).
قال الرجل: نعم. بل كلاهما.
فقال صلى الله عليه وسلم: (فتبتغي الأجر من الله؟).
فقال الرجل: نعم.
قال صلى الله عليه وسلم: (فارجع إلى والديك، فأَحْسِنْ صُحْبَتَهُما) [مسلم].
وعاق والديه أو أحدهما شقي في الدنيا والآخرة ،لا ينال رضا الله ، لا يقبل عليه الناس لفظ قلبه.
وما أطيب قلب الوالد عندما يقول له ولده كما قال إسماعيل عليه السلام مع والده سيدنا إبراهيم في قوله (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) سورة الصافات
بر الوالدين مشقة ويتعارض كثيراً مع هواى النفس والأغراض الشخصية ولذا فإن أجره عظيم، كبير.
جعلنا الله من البارين بوالدينا في حياتهما وبعد مماتهما.
(وقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24) سورة الإسراء
وسوم: 638