وعاد رمضان... شهر الغفران
وعاد رمضان... شهر الغفران
د. محمد السقا عيد
استشاري طب وجراحة العيون
عضو الجمعية الرمدية المصرية
ها هو رمضان على الأبواب قد أتي... رمضان : الذي طالما حنت إليه قلوب المتقين .... رمضان : الذي طالما اشتاقت إليه نفوس الصالحين.
وكيف لا تحن القلوب إلى شهر الخير والبركة.... كيف لا تشتاق القلوب إلى شهر المغفرة و الرحمة.
لقد استدار الزمان وعاد رمضان... عاد إلينا بعد أن نسينا كثيرا وبعد أن سبحنا في شؤون الدنيا سبحا طويلا .. لنشهد أيامه الغراء ونُحيي لياليه الزهراء ..عاد رمضان وقدّر لنا أن نعود معه ..
عاد رمضان لنشهد أيامه الغراء ونُحيي لياليه الزهراء
ترى هل يمتد بنا العمر فنلقاه ؟ أم هل يسبق الأجل فلا نلقاه مرة أخرى ؟
إن القدر مستور .. والأجل قد ينتهي لحظة .. والساعة لا تأتي إلا بغتة .. فمن الحمق أن نبيع حاضراً بغائب وأن نستبدل شكاً بيقين
ان الحزم والكياسة أن نغتنم هذه الفرصة السانحة وألا نضيع هذه الصفقة الرابحة .
هاهو رمضان قد عاد...
شهر القرآن والصيام والقيام.. لتخشع بين يدي ربك تتدبر الآيات.. وتحرك بها القلب وتتعرض لنفحات الرب.. لعله يكتب لك قيام ليلة.. وتفوز بفضل ربك بالعتق من النار..
هاهو رمضان قد عاد...
بعد عام كامل ليذكرك نعمة الله عليك.. إذ بلغك هذا الشهر الكريم وقطع الأجل والمرض عنه أناس كثير.. هم تحت أطباق الثرى أو على الأسرة البيضاء...فاغتنم بلوغك إياه... فلعله إليك لايعود.
هاهو رمضان قد عاد...
بعد عام كامل ليخبرك أنه نقص من عمرك عام كامل.. وأنك قد اقتربت من الآخرة عاما.. وعما قليل ستلاقي ماقدمت من عمل..فماذا أودعت من العمل في عام مضى...؟؟ فاغتنم أيامه ولياليه... فلعله إليك لايعود.
هاهو رمضان قد عاد...
لتفتّح فيه أبواب الجنان.. وتغلّق فيه أبواب النار.. وتصفد الشياطين.. ويناد مناد ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر.. ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة..فهلاّ اغتنمت هذه الليالي.. فلعلك إليها لاتعود .
هاهو رمضان قد عاد...
ليذكرك نعمة الله عليك بالأمن والأمان ورغد العيش والمعافاة.. وإخوان لك هنا وهناك فقدوا الأمن والأمان.. فهم يصبحون على أزيز الطائرات.. ويمسون على دوي المدافع والقاذفات...يتسحرون على أنين الجرحى.. ويفطرون على أشلاء القتلى...
فهل شكرت هذه النعمة..؟ فلعلها إليك لاتعود أو لعلك إليها لاتعود..
هاهو رمضان قد عاد...
لتفتح أبواب السماء للدعاء.. في قنوت وسجود وعند إفطار وسحر.. فهل تأملت آيات الصيام ؟ ألم تلمح من بينها نداء الرحمن : (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).
فماذا سألت الكريم؟؟ وهو منك قريب.. وقد وعدك أن يجيب دعوتك..؟ فهذا هو شهر الدعاء فلعلك إليه لاتعود.
هاهو رمضان قد عاد...
ليستعطف قلبك ويذكرك بالأكباد الجائعة.. والوجوه الملفوحة بهجير الصيف.. ومس الجوع والعطش..تستطعمك تمرة.. وتستسقيك شربة ماء أو مزقة لبن... لتفوز بأجرك وأجرها في تفطير الصائمين...فماذا أطعمتهم ؟ فلعلك إليهم لاتعود.
هاهو رمضان قد عاد...
شهر القرآن والصيام والقيام.. لتخشع بين يدي ربك تتدبر الآيات.. وتحرك بها القلب وتتعرض لنفحات الرب.. لعله يكتب لك قيام ليلة.. وتفوز بفضل ربك بالعتق من النار..
فأنصت يارعاك الله لما يتلى في المحراب... فلعلك إليه لاتعود.
هاهو رمضان قد عاد...
وفي لياليه ليلة هي خير من ألف شهر.. من حرم خيرها فقد حرم... ومن وفق لها فقد فاز وغنم ...فما هي إلا أيام معدودات وترحل عنك كما رحل غيرها من الأيام.
هاهو رمضان قد أقبل بنوره وعطره ، و جاء بخيره وطهره ، جاء
ليربي في الناس قوة الإرادة ورباطة الجأش ، ويربي فيهم ملكة الصبر
ويعودهم على احتمال الشدائد ، والجلد.
أخي الحبيب :
إن أردت المغفرة فليكن صومك عن المحرمات قبل أن تصوم عن المباحات ، ليصم سمعك ، وبصرك ، ولسانك ، وكل جوارحك ، فالله قد حرم عليك في نهار رمضان الأكل و الشرب وهما مباحان ، لينبهك على ترك الحرام من باب أولى .
أما إذا لم تفعل فاسمع إلى هذا الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم" : من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه" . فتح الباري شرح صحيح البخاري.
لا إله إلا الله ؛ كم جاع وكم عطش ، وكم نصب و تعب ، ولكن ليس له شيء من الأجر لأنه لم يصم عن المحرمات .
أخي الحبيب:
إن الله غني عنك و عن جوعك وعطشك ، و إنما يريد الله منك – من وراء الصيام – تقواه سبحانه و تعالى .
نعم يا أخي إنما يريد الله التقوى ، و هي الغاية التي من أجلها فرض الله الصيام . " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ." سورة البقرة آية183.
فحققِ التقوى حتى تنال المغفرة ، أمسك لسانك ، و غض بصرك ، واحفظ سمعك عن هذه المحرمات حتى تفطر في الجنات بإذن الله .
الهوامش:
موقع صيد الفوائد من مقال:
- يا من يريد المغفرة! محمد الجابري.
-هاهو رمضان قد عاد...فلعلك إليه لاتعود! خالد بن محمد بن علي الوهيبي.