وقت ذبح الأضحية على المذاهب الأربعة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
من أفضل القربات التي يتقرب بها المسلم يوم عيد الأضحى هي الأضحية، كما روي عن أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها – قالت : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : «ما عمِلَ ابنُ آدمَ يومَ النَّحرِ أحبُّ إلى اللَّهِ تعالى من إِهراقِ الدَّمِ وأنَّها لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأنَّ الدَّمَ ليقعُ منَ اللَّهِ بمَكانٍ قبلَ أن يقعَ إلى الأرضِ فطيبوا بِها نفسًا» . أخرجه الترمذي وغيره وقال : حسن غريب.
وقد رتب الشارع وقت الأضحية بأن يكون بعد صلاة عيد الأضحى ، كما قال تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] ، وللحديث الذى راوه أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ ذَبَحَ قبل الصلاة فليعد» رواه البخاري ومسلم، وغير ذلك من الأحاديث.
ولا خلاف بين العلماء على أن ذبح الأضحية لا يجوز قبل شروق شمس يوم عيد الأضحى، ولا خلاف بينهم كذلك على انتهاء وقت ذبح الأضحية الذى ينتهى بغروب شمس آخر أيام التشريق الثلاثة.
ولكنهم اختلفوا فى وقت ذبح الأضحية بعد شروق شمس يوم عيد الأضحى ، هل تجوز قبل صلاة العيد أم لا؟ ، وهل يختلف وقت الذبح من المدن عنه للبادية والمزارع والأماكن البعيدة ؟ وكانت أقوال الفقهاء في هذه المسألة على النحو التالي:
أولا: الأحناف: قالوا: " يبدأ وقت الأضحية لأهل المصر ( أي المدن) بعد أداء صلاة العيد، فمن ذبح والإمام في خلال الصلاة لا يجوز ، و لو ضحى قبل فراغ الإمام من الخطبة أو قبل الخطبة جاز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رتب الذّبح على الصلاة لا على الخطبة ، وأما أهل القرى، الذين ليس عندهم إمام، فوقت الأضحية يبدأ بعد طلوع فجر يوم النحر".
أنظر: بدائع الصنائع( 4/ 212).
ثانيا : المالكية :قالوا: وقت ذبح الأضحية يبدأ بعد الصلاة والخطبة وبعد ذبح الإمام، أو بعد مرور وقت بقدر ذبح الإمام ، وأما من لا إمام له ببلده، أو كان من أهل البادية، فإنه يتحرى في ذبح أضحيته أقرب إمام له من البلاد المجاورة، فيقدر وقت صلاته وخطبته وذبحه، ولا شيء عليه إن تبين سبقه لذلك الإمام".
أنظر: التلقين( 1/ 262 ).
ثالثا: الشافعية: قالوا: يبدأ وقت الأضحية بعد دخول صلاة الأضحى، ومضي قدر ركعتين وخطبتين، وأهل البوادي وأهل القرى الذين لهم أئمة في هذا سواء".
أنظر:(الأم 2/ 348).
رابعًا: الحنابلة: قالوا: أول وقت الذبح للأضحية في حق أهل المصر، إذا صلى الإمام وخطب يوم النحر، وفي حق غير أهل المصر قدر الصلاة والخطبة؛ لأنه تعذر في حقهم اعتبار حقيقة الصلاة فاعتبر قدرها.
انظر : الكافي في فقه ابن حنبل( 1/ 542).
الفصل في المسألة:
ومعلوم أن وقت صلاة عيد الأضحى يبدأ من بعد شروق الشمس وارتفاعها قدر رمح إلى ابتداء الزوال ، أي بعد ما يعادل عشرين دقيقة بعد شروق الشمس، و متوسط ما يستغرقه الخطيب في صلاة العيد والخطبة نصف ساعة.
فنقول : من كان بالمدينة والقرى العامرة التى بها مساجد وتقام فيها صلاة العيد فالأفضل للمضحى أن يذبح أضحيته بعد انتهاء الإمام من الصلاة والخطبة، ومن كان بالبادية والمزارع والأماكن البعيدة التي ليس فيها صلاة للعيد ، فيستطيع المضحى أن يذبح أضحيته بعد خمسين دقيقة من شروق الشمس.
هذا والله أعلى وأعلم
وسوم: العدد 685