إحياء المعاني.... مذهب في المداراة
ذكر الشيخ سعيد حوى - رحمه الله - ترجمة للصحابي حذيفة بن اليمان ، في كتابه : الأساس في السنة وفقهها -المجلد الرابع : كان لحذيفة مذهب في المداراة ذكره الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء ، قال : ماكلام ٌأتكلم به ، يرد عني عشرين سوطاً ، إلا كنتُ متكلماً به ! وعن حذيفة ، قال : إني لأشتري ديني بعضه ببعض ، مخافة أن يذهب كله !
وقال : إني لأدخل على أحدهم - وليس أحدٌ إلا فيه محاسن ومساوئ - فأذكر من محاسنه ، وأُعرض عمّا سوى ذلك !!
وحذيفة كما وصفه الكاتب خالد محمد خالد - عفا الله عنه - في كتابه ( رجال حول الرسول ) عدو النفاق ، صديق الوضوح ! ولعل هذه الحادثة توضح شخصيته المتوازنة : اختاره عمر رضي الله عنه والياً على المدائن ، فلما قدمها ، أحاط الناس به ، فنظر إليهم ، ثم قال : إيّاكم ومواقفٓ الفتن ..!! قالوا : ومامواقف الفتن ياأبا عبدالله ؟ قال : أبواب الأمراء .. يدخل أحدُكم على الأمير أو الوالي ، فيُصدّقه بالكذب ، ويمتدحه بما ليس فيه ؟!
** وفرق كبير بين ذكر المحاسن والإعراض عما سوى ذلك ، وبين تصديق الكاذب ، ومدحه بما ليس فيه !؟ وهذه دقائق لا يدركها إلا مٓن آتاه الله علماً وفهماً وحكمة { ومُن يُؤتٓ الحكمة فقد أُوتي خيراً كثيراً } !!
وحذيفة هو الرجل الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ليأتيه بخبر المشركين في غزوة الخندق ، في حال من
الجوع والخوف والصقيع والإعياء الشديد ! ورسولنا لا يختار لهذه المواقف إلا الشجاع الذي لا يعترف بالعجز ولا بالضعف !!
فرحم الله امراً قال خيراً فغنم ، أو سكت فسلم !
وسوم: العدد 704