مدينة الباب أيام فرنسا
من الذاكرة
- حضر المستشار الفرنسي إلى مدينة الباب فأقيم له احتفال ضخم واستقبال كبير في المنشية وأحضر الطلاب ليهتفوا للمستشار وقدمت لنا رشوة غداء فاخر في البلدية .
- كانت مدرسة قتيبة الباهلي تسمى ايكول دوباب وكان يديرها الأستاذ ياسين النجار .
- تحية العلم الفرنسي كانت أمام البلدية والعلم على سطحها يرفع قليلا قليلا والبوق يصدح ...
- كان جنود المليس مقرهم في مكان محل الهباش وكانوا يصادرون القمح والميرة في مكان القهوة التي بجانب شارع خللو .
- خلف البلدية كان مقطعا عبّده اللوتنان الفرنسي واتخذه ملعبا له ولزوجته يلعبون الكرة الطائرة أو المضرب .
- خرجنا نحن الطلاب بمظاهرة وأغلقنا السوق بدءا من السوق الشرقي ووصلنا إلى خان الشيخ رحمو نقف أمام كل دكان ونهتف سكر سكر ( أغلق المحل ) وأذكر أنني وقفت بقوة أمام دكان عيسى الحمدان أهتف بقوة فكان رحمه الله يرجوني بالانتظار دقائق ليغلق المحل ..
أغلق السوق وتوجهنا والهتافات تشق عنان السماء إلى المنشية ، وكانت فرنسا قد انقسمت قسمين : فرنسا فيش وفرنسا الحرة.
كان علم فرنسا الحرة يرفرف على دار حسن العلاك شرق المنشية وانهمر الرصاص علينا من الشباك الشرقي للدار وأطلق المليس النار فقابلهم البطل الحاج ديب البهو بقوة وتقدم إلى الشباك الشرقي ليطلق الرصاص على من كان داخل الغرفة ..
لحظات وجاء الشعب يتراكض وفي مقدمتهم الزعيم عبد القادر الرحمو بطربوشه الأحمر وكان بعض رجال المليس قد هربوا فقبض عليهم الرجال الأقوياء من رجال البلدة وأخرج الأسرى من الدار وبدأت الخناجر تعمل عملها في ظهورهم واقتاد الأسرى عبد القادر رحمو إلى السراي وكان يقبض بيديه على أسيرين وهم عرب مسلمون بل واحد منهم من أبناء الباب !
ثم انطلق بعض المتظاهرين وتوجهوا إلى مدينة جرابلس بقيادة الشيخ صافي اﻷخرس ومزقوا العلم الفرنسي وطردوا جنودها من مقرهم وكان سلاحهم العصي والساكيين وبعض المسدسات وقتل على ماأذكر واحدا من آل العمرو رحمه الله .. وقبره ﻻيزال في مقبرة الشهداء في مدينة جرابلس .
ووقف أهل البلد مع المستشار الفرنسي يهتفون له في المنشية !
بل وقف كبيرهم وهو عالم أزهري فخطب وقال :
أيها المستشار لا نقول لك كما قالت بني إسرائيل لموسى ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )
بل نقول اذهب فقاتل ونحن معك أيها المستشار مقاتلون .
ياعيب الشوم !
كانت ثورة مدينة الباب جزءا من الثورة السورية اعتقد أن هذه الأحداث كانت سنة ٤١ وكان الرئيس يومها الشيخ تاج الدين الحسني ولكن الحاكم الفعلي هو غورو وكانت قد دارت قبلها معركة ميسلون بقيادة يوسف العظمة .
لست مؤرخا فقد كتب الشيخ علي الطنطاوي عن الثورة الشئ الكثير المعجب !
رأيت بعيني المصفحات البريطانية جاءت دعما لفرنسا الحرة واستقرت في زيتون الحاج عبد الجواد الشواف وقد صادروا دورا ومساكن كثيرة وكانت المصفحات تقيم أحيانا خلف المنشية عند جدارها الغربي ..
ماأجمل تلك اﻷيام ..
وقد قدر لي أن أحضر أول عيد للجلاء وكم كنا نهتف للجيش السوري الوليد - الذي يقتلنا ويدمر بيوتنا وحضارتنا وتاريخنا اﻵن - ومن شدة الزحام طار طربوشي في الحديقة وأسرعت فأنقذته لأن الدخول للمدرسة لايكون إلا بالطربوش .
شباب ذللوا سبل المعالي
وماعرفوا سوى الإسلام دينا
وإلى حديث آخر أستودعكم الله .
وسوم: العدد 819