خواطر فؤاد البنا 845

إن جهل كثير من المسلمين بمبدأ النّسبية في قراءة آيات القرآن الكريم أوقعهم في الغالب في أسْر أفكار متناقضة، وليصبحوا فرَقاً متنازعة وتيارات متضادة. وعلى سبيل المثال فإن المال ليس خيرا صرفاً ولا شراً محضا كما يراه هؤلاء أو أولئك من المسلمين، وإنما هو شيئ نسبي ويتداول عليه الحُكمان وفق معايير عدة، وأهمها المكان الذي وضعه فيه الإنسان من نفسه؛ فهو خير كله إن امتلأت به يداه ولو كان بالملايين، أما أن امتلأ به القلب فإنه يكون شرا وإن كان بالملاليم، وهكذا هي أعراض الدنيا كلها. ولا خلاص من هذه الآفة، وغيرها من الآفات، ما لم يتم تناول ترياق التدبر، فالقرآن لا يُؤتي ثماره اليانعة إلا للمتدبرين الذين يَجمعون بين التأمل العقلي وبين الخشوع القلبي.

************************************

من المفارقات الغريبة في عصرنا عند المقارنة بين العرب والغربيين، أن الغربيين أحالوا كثيرا من الخيالات إلى حقائق؛ بالتخطيط العلمي وجودة التفكير، وبالإرادة الصلبة والعمل الدؤوب، وباستثمار الإمكانات الكامنة وتوظيف الكفايات الثاوية، أما العرب فقد أحالوا كثيرا من الحقائق إلى خيالات، بالارتجال العشوائي وسوء التفكير والتقدير، وبوهن العزيمة وخور الإرادة، وبقلة الأعمال وكثرة الأماني والأقوال، وبالعبث بالإمكانات وسوء التعامل مع الكفايات!

************************************

لا يشكّ عاقل بأن أي معركة تندلع بين الحالِمين والعامِلين ستنتهي بانتصار العاملين، غير أن أقوى من هؤلاء وأولئك هم العاملون الآملون؛ فإن الآمال تُذكي الأعمال وتمنحها فاعلية فائقة.

بارك الرحمن جمعتكم.

************************************

ما فائدة الأبحاث والدراسات التي تُسلَّط على موضوعات مهما كانت تهم الناس، إن لم تُضئ مجاهل تلك المشاكل، ولم تُجْلِ غوامضَها، ولم تفكّ عُقدَها، وإن لم  تبحث عن مخارج لمآزقها وأدوية لأدوائها، وإن لم تكتشف المعادلات الضرورية لتحقيق نهوضها الحضاري المنشود؟!

************************************

للأسف الشديد أن كثيرين ممن يعملون في مجال العمل السياسي ليسوا (أهل قناعات)، وإنما هم (أصحاب أقنعة) يخدعون بها الطيبين والساذجين؛ ولذلك تجدهم يُغيّرون مواقفهم بسهولة كما يُغيّرون أحذيتهم، إذ أن الأمر لا يعدو أن يكون تغيير أقنعة، وهذا من أهم العوامل التي جعلت قطاعات عريضة من الناس تفقد ثقتها بالسياسة وتسيئ الظن بالسياسيين!!

************************************

أثبتت الوقائع الملموسة خلال العقود الأخيرة من عمر أمتنا، أن (الديمقراطية) إنما هي (عِجْل بني علمان) الذي صنعه (السامري العربي) المتربع على كراسي الحكم؛ حيث يعبدون عجل الديمقراطية عند شبعهم ويأكلونه حينما يجوعون!