قراءة في وجوه الأبناء
نقرأ في وجوه أبنائنا المشرقةِ بالوفاءِ لقيمهم ومكانة أمتهم ، وبالإيمان بالله الذي لن يردَّ التماسهم في عودة ماكان من حب لربهم ودينهم ونبيهم وأمتهم ، وتحتشد أمانيهم في صدورهم ، وتطوفُ رؤاهـم في المسافات التاريخية لأجدادهم الكرام ، الذين مكَّن اللهُ لهم في الأرض فعمروهـا بالخير ، وفرشوها بالسعادة ، فامتدت ظلالُهـا تهب مَن سعى إليها الأمن والطمأنينة . وتزخر تلك الوجوه بمعطيات مجدهم السابغ ، وإرثهم المميز بالمآثر ، وبمكارم الأخلاق ، وبالسواعد الأبية التي صنعت صروح حضارة عالمية ، كانت أساسا قويا لكل ماجـدَّ في هذا العصر من إنجازات علمية .
ولا تخفى ملامح الأشواق التي تنعكس في إشراقات وجوههم ، تلك الأشواق التي تكاد تأتي بالماضي جملة وتفصيلا إلى هذا الحاضر الذي أحزنهم ، بل أبكى قلوبهم التي حافظت على قدسيتها ، فلم تدنسْها الأهواء ، ولم تطمس رؤاها ظلمات الأسى والحرمان ، وهي مع تلك الإشراقات تكابد قسوة الحياة من كل جوانبها ، ويبقى نور اليقين بالله وبرحمته بهذه الأمة ينير دروبهم رغم دُجُنَّةِ الآفاق ، هاهم يحاولون أن يعيدوا صياغة مغازل الأجداد ، لينسجوا بها أردية نهضة ، متخطين قسوة البيئة ، ومرارة السعي الحثيث ، ولعلهم باتوا متفائلين بما لديهم من وعد نبيِّهم صلى الله عليه وسلم . مستشعرين معيَّة ربهم معهم ، وتوفيقه لهم رغم وعورة الطريق . فهم أدلجوا في معترك طريق يراه غيرُهم صعبًـا ، ويرونه سهلا أمام استعدادهم ، وصدق محبتهم لأمتهم . ويراه غيرُهم مبهمًـا لاقرار له ، ويرون أن الأمر بيد الله ، يفعل مايشاء ويحكم مايريد ، وشتان بين رؤية أهل الأرض في أفكارهم وتقديرهم للمجريات ، وبين رؤية مَن أقدامهم على الأرض وأبصارهم ترنو إلى السماء ، وبصائرهم تستلهم التوفيق والتأييد .
ليست ذكرى لمناسبة عابرة ، ولا هي قراءة في صحيفة إعلامية مترددة أو مدلسة ، وإنما هي المواثيق الثابتة فيما نزل من وحي السماء . ولعلها الجُذَى التي تتَّقدُ ، لتجددَ الإيمان ، وتشد العزائم ، وتؤكد على الضوابط الراسخة في متون صفحة الخلود . فمن إشراقاتها أيضا تغذي التفاعل الإيجابي لقلوب الأبناء مع ماتصبو إليه أنفسهم ، وهـم التَّواقون لرؤية صدارة أمتهم في الأرض ، حيث يسود الإخاء والسلام في عالمنا المعاصر .
وسوم: العدد 965