شكرا خالتي السياسة !

الخاطرة تصور واقعا لا يمكن تغافله لأهميته ، تصور واقع حياة الناس وتصريف أمورهم، تصور واقع حياة الدولة وديمومتها واستمرارها ،بل تصور  واقع حياة تفرضها الحاجة للحفاظ على مقدرات الأجيال ، حين  تجتمع كل هذه العوامل وغيرها ، يكون حديث الخاطرة يلامس واقعا نعيشه بألم ، واقعا  نذوق مرارته حين  يغيب  أثر  العقلاء ، نذوق مرارته حين  تغيب  الطاقات البشرية المؤثرة عن المشهد  ، حين تغيب معاني الحياة الكريمة التي ينشدها أمثالي    ، وأنا  أتخيل لفيف  قوم في مسرح ليلي ، يستمتعون بضياع  غرناطة. .

كتبت شكرا خالتي السياسة ! 

كنت أطرق السمع لحديث الساعة، أتأمل واقعنا المعاش ، أتفحص معاني الأحوال، أقارن وأسدد علي أفك عقدة المعادلة .

كنت أتأمل أحوال الناس حين تقترب أعراس السياسة  ، يسكن الجميع  الشرود الذهني ، فالجميع يغلق المكاتب والأكشاك ، حتى الباعة في  يودعون الأسواق ، أحوال تبيت  تشغل العامل البسيط ، يبحث له عن مكان في عرس السياسة ، الكل محبوس الأنفاس لكسب الغنائم ، يبيت  الكل يحلم في منامه بقصور إشبيلية التي تسلب الألباب .

كنت أتأمل الأحوال المحزنة حائرا ، هل يدرك الجمع  مفهوم السياسة  ؟!

وهل يدرك الجمع أن أهم سماتها قصد الإصلاح وتحسين الأوضاع من خلال الفرد الصالح ، الفرد المؤتمن ، الفرد القدوة ، الفرد الذي يجمع بين نظافة الثوب ونظافة اليد ، الفرد الذي لا يهمه أن يمشي حافي القدمين ، لا يهمه أن تمرّغ قدميه في الوحل ، لا يهمه ربطة عنق تزين رقبته ، سمته ووجاهته عفته ، الفرد الذي  طهره يسبق سيرته ، الفرد الذي تدعمه ثقته في كفاءة رسمتها نجاحات مبهرة  في ميدان تخصصه ، صدقية شهادة تدونها المشاريع المنجزة على الأرض ،التي  تشهد له بالصدقية والمصداقية .

 عدرا خالتي السياسة  أن يتصدر المشهد المخدوش والمنبوذ ، أن يتصدر المشهد قاطع رحم غير موصول بالمجتمع  ، والحقيقة أن   عالم الطهر النظيف  لا يصلح له إلا الأطهار .

إن أجمل ما سجلته خلال مسيرتي العمرية شهادة غالية ما زلت أحملها وأفخر بها ، سمعتها من مرب صنعته الأقدار في زمن الفتن؛  أنه الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله  حين حدد معايير من يترشح لخدمة المجتمع والدولة    خصه بمعيار فريد مبهر ،  يقول : ( لا ترشحوا عاق الوالدين ) و التوصية تحمل  الدلالات التربوية العميقة ، فعاق الوالدين لا يحق له أن يتصدر المشهد ، والخائن لوطنه لا يحق له أن يتصدر المشهد ، والفاشل في مشاريعه وتخصصه لا يحق له أن  يتصدر المشهد ، ولنا أن نقيس قس على الأشباه. 

ولعل الحكم تتواتر فأنقل ما قاله السياسي  والفيلسوف الهندي المهاتما غاندي أحسن حين أحسن توصيف أحوال الأمة الشاردة قال :  ( يوجد سبعة أشياء تدمر الانسان :  السياسة بلا مبادئ ،  المتعة بلا ضمير ، الثروة بلا عمل ، المعرفة بلا قيم ، التجارة بلا أخلاق ، العلم بلا إنسانية ، العبادة بلا تضحية )  . 

و يبقى لأمثالي إلا رسم الخواطر وبعث الأمل في النفوس  ببعض الكلمات من خلال الكتابة  ، فربما تصدق الأحلام فتكون حقائق مبشرة، لغد مشرق يصنعه الأطهار في ميدان التغيير الإيجابي حينها أقول   : شكرا خالتي السياسة .

وسوم: العدد 1081