من همسات الشيوخ
لن يعيد الشيوخ عطاء الشباب ، هكذا هي الأيام ، فما نصنعه في أيام زهو عمر الزهور لا يعاد صياغته من جديد ، هي سنة ماضية ، فكل مرحلة من أعمارنا لها أدوارها ، لها بصمتها ، لها مميزاتها و قيمتها ، مع ذلك تظل ذكرى الشباب ترافقنا مع تقدم عمرنا ، بل تظل أسمارها تغازلنا ، نرويها للحفدة ، فجمال تلك المرحلة يظل يعطر عمر أنفاسنا ،تظل تلك النشوة تحيي في أرواحنا روح الاستمرار و العطاء ، ولو أن تدفق العطاء يتراجع وتيرته نسبيا ، و توهن قواه لطبيعة كل مرحلة من حياتنا ، مع كل ذلك تظل المثيرات و دافعية الاستمرار أقوى ، فجذوة الحياة بداخلنا تبحث لها عن التعزيز و المحفزات كي تجدد في روحنا الحيوية و النشاط لنكمل أيامنا المكتوبة ، نعيش أفراح أرواحنا نتلذذ بخاتم أعمارنا ، تحيي في نفوسنا الأمل المفقود في زمن التوحش و الاستقواء.
و نحن نستقري بواعث الأمل ، نستحضر رسائل التعزيز و التقوية ، فلا تضعفها تجاعيد الوجه أو انحناء الظهر ، أو فتور الحركة ، نجعلها رسائل موجبة تقوي نفوسنا الضعيفة .
كعادتي دائما أستفيد من رصيد الأدب الراقي الذي يحيي في فينا روح الانطلاق ، اخترت من روائع الشاعر رسول حمزاتوف الشاعر داغستاني ، الذي ولد في قرية تسادا في مقاطعة خو نزاخ في جمهورية داغستان بجمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية بالاتحاد السوفيتي . وهو ابن الشاعر الداغستاني المشهور حمزة تساداسا نسبة إلى تسادا قريته ، أسماه والده باسم رسول تيمنا بالرسول محمد بن عبد الله يقول :
( في نفسي عنفوان الشباب و حكمة الشيخوخة ، فليعن الشباب و لتتكلم الحكمة )
وتقول الدكتورة وفاء إبراهيم ، أستاذ علم الجمال ، عميد كلية البنات في تفس سياق كلاما راقيا عن الشيخوخة أحسبه من روائع الأقوال : ( لكل سن جمالياته ، ورفضت إطلاق لقب « عجوز » على كبار السن ، لأن العجز مرادف للاستسلام وضعف الإرادة ورفض التغيير ، أكثر من ارتباطه بعمر الشخص ، وأى إنسان يمتلك مواصفات نفسية جامدة ومستسلمة هو العجوز وليس كبار السن ) .
وتساءلت الدكتورة : ( أليس الشباب الجالس على الكافيهات ليل نهار يهدر وقته فى مشاهدة الكليبات والحديث فى الموبايل عاجزا وعجوزا ؟ انظر إليهم فأجد أشكالهم أكبر من أعمارهم كثيرا ، وجوههم خالية من لمعة الشباب والحياة ) .
يظل أمثالنا يحيا على أمل أن نرى ثمرات البناء تعطي أكلها ، فيحملها طفل صغير أو شاب يافع ، يحمل راية العطاء ، يستكمل مسيرة كهول و شيوخ مضوا على العهد ، لا هم لهم سوى أن يشع النور في بشائر الأجيال ، فلا يطرق اليأس و الضعف بابهم ، لهذا لا نريد أن تضعف روح شباب الأمة فالمستقبل يصنعه الواعون المستبصرون لواقع الأمة المرير .
نسأل الله أن يحفظ شباب الأمة و يبقي شيوخنا وكبارنا حراسا لمبادئ الأمة وأصالتها .
وسوم: العدد 1117