خلجات النفس
حيدر الحدراوي
بخلا ام قناعة !
طالما كنت اتجول في الاسواق , فتعتريني الرغبة بالشراء , شراء كل الاشياء , ما احتجت اليه او ما لم اكن له بمحتاج , المهم كان عندي ان اشتري , وامتلك , لكن ... الجيوب كانت فارغة , فأخرج منها بخفي حنين , او حتى بدونهما ! .
تغيرت الاحوال وتبدلت , وامتلأت تلك الجيوب , فعاودت الكرة , دخلت ذلك السوق الذي طالما كنت اخشاه , لكثرة ما فيه من الاشياء الجميلة , وغلاء اثمانها , لكني لاحظت غياب رغبتي الجامحة , وعزوف نفسي عن تلك الهواية المقيتة , فخرجت منه ايضا , بدون خفي حنين , ولم اشتر شيئا .
الاحياء
الاحياء على صنفين :
1- احياء عموديون : يأكلون ويشربون , يسيرون ويتقلبون في هذا الكون الشاسع , الا انهم لا تأثير لهم فيه , فأذا غابوا لا يفتقدوا , وان حضروا لم ينفعوا , حضورهم كعدمه , ليس لهم في هذه الحياة من اثر , سوى ظل صنعته لهم الشمس ! .
2- احياء افقيون : تركوا الاهل والاحبة , وغادروا الديار , ليسكنوا تلك القبور , توسدوا التراب , واستسلموا لنوم عميق , فغابوا عن الانظار , لكن مأثرهم , بطولاتهم , افعالهم , عطائهم , نتاجاتهم , لا زالت تتناقلها الاجيال .
الفقراء
أعتادوا ان يشيدوا اكواخهم بجوار القصور , او في الطريق منها واليها , فينغصون لذيذ عيش الاغنياء , ان وقعت انظارهم عليها , فأما ان يشيحوا بأنظارهم عنهم , فلا يرونهم , لكن تنغص حياتهم آهات الجوع , الفقر , العوز , الصادرة منها , او يقفوا عندها , ليتفضلوا عليهم بطلتهم البهية , ويواسونهم بالمستطاع , فيفرحوا بما جادت عليهم به يد الغيب , ويسعدوا بالعطاء , فيسعدوا بدورهم لسعادتهم ! .
الخطر ! .
لا ريب قادم , لا تنفع لدرئه التعاويذ ولا التمائم , جاء ليدك الجبال , ويطلي الارض , بلون احمر قاتم , جاء ليحرق لحوم الاحياء , ويدق عظام الموتى , جاء ليقضي على الحمائم , قادم ... قادم بالأمور العظائم .