سنابل القمح الذهبية
سنابل القمح الذهبية
محمد عميرة – القدس
لم أرَ يوما بحرا ً ذهبيا ً كما بحر حقول سنابل القمح ... وذات أمواج ٍ أيضا ... تـُـمـَوّجـُها بلطفٍ رياحُ صيف الكاسح من حزيران الـّتي تـُمـوّجُ مياه البحر المتوسط ... وتــُمـوّجُ سياسة حكام ذاك البحر .
بالأمس كانت الأرضُ بحرا ً أخضرَ ... وكانت السماءُ ً بحرا ً أزرقَ ... لكنّ الصّيف يقول معتدّا ً بنفسه : جمالي في دفئي ، وقمحي هو بحري الذهبي ّ .
هذه البحور الثـّلاثة ُ الملوّنة ُ - ناهيك عن بحور الشـّعر - ذكـّرتني ببحر ٍ أصفرَ وأحمرَ وأسودَ وميـّت ٍ ... مع انّ كلّ بحورنا - وحتى بحور شعرنا - أضحتْ ميـّـتة !
أقول : ذ َكـّـَرتـْـني هذه البّحار ببحار ٍ أخرى سوداء تحت الأرض ، والتي ما رأت الشمس تحت الأرض ولم ترها فوقها ... وهي أغلى البحار ... وهي سبب معظم الحروب الماضية والحاضرة والمستقبليـّة .
لكن ... ليست رياح آذار أو حزيران هي التي تـُـحرّك أمواج تلك البحار السوداء إنها رياح مختلفة ... مصدرها ريح البشر ... ريح مراوح طائرات دول الظلم والاستبداد والتي حرّكت حتى بحور الشعر ليميلَ حيث تميلُ ... والتي لم تدعْ لنا لونا ً من ذهبـِنا إلا ذهبتْ به ... حتى أنها تطمعُ بسرقة كل أنواع أقلامنا .
ليس من قلـّة ٍ منـّا يفعلوا ذلك بنا ؛ فنحن أكثرُ الأمم وكغثاء السّيل الجارف ِ ... لكنّ الطـّبيب الحكيم نبيّنا - عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم - لمّا نظر لأهل هذا الزمن ... شخـّص مرضنا ، فوجده مرضُ الوهـَنْ ...
والحمد لله الذي جعل لكل داء ٍ دواء ... والدّواء في الكتاب ... وفيه الشـــــفاء .