إلى مسافر ...
إلى مسافر ...
أمل الزعبي
" 1 "
ربما بعد قليل ستقلع طائرتك ... تحملك الى غياهب مجهولة ... تسافر بجسدك وأفكارك العبقرية ... ومن مطار قسوتك أقلع قلبك مهاجرا الي للأبد ...
وهنا سكن في صدري ...
دماؤه في عروقي تجري...
ورغم صمتك الآثم ... يهمس لي في كل نبضة :"أحبك "
" 2 "
لا بد أن قدماك الآن تحطان على أرض بعيدة ... وتمشي بخطوات فولاذية العزم ... هامة كبرياؤك تغري النساء الغريبات باحتوائك ...شامخة رغبتك بالنسيان ... وتأبى ذاكرتك الا أن يأسرها اسمي وطيفي وعطري ...
ويغرقك طوفاني كلما جدفت بعنادك معاكسا تياري ...
فأخالك تخور موغلا في شهوة الرجوع ... لتعود الى أحضان وهمي وسرابي ...
مستسلما واهنة أجنحة هروبك ... أعدك أنني لن أخدش كبرياءك الشرقي كلما طرقتَ ليلا أبوابي ... وأعدك بأنني سأغمض عليك جفوني كلما أضعفك الحنين وسرقتك خطاك الي ...
" 3 "
ربما مرالآن شهر أو شهران ... سنة أو سنتان ... لا أدري ربما عقد من الدهور ...
وأعلم أنني ما زلت أوكسجينك الذي تلتقطه رئتاك ... وأن النسيان المشتهى فاكهة حُرمت على ذاكرتك ... وأعلم يا حبيبي أنني ما زلت عطرك الساحر وما زالت رسائلي القديمة رائحتها تعيد اليك دروب الحياة في منفاك ...
" 4 "
ربما أنه قد حان الآن موعد الرجوع وستحط بعد ساعات طائرتك ...
ومن خلف الجموع المنتظرة سأراقب سرا خطواتك ... سأسترق السمع لصوتك المعانق فضاء الوطن ... سيقبلونك ... ستعانقهم ... سيغمرهم عطرك الفاخر ...
سيتسابقون لإيوائك ... كل العيون تراك ... وعيناي تحجزهما ستارة الاباء ...
تجول في المدى عيناك كي تراني ... تدعو الله أن يسوقني القدر اليك خلسة أوصدفة ...بموعد او بلا موعد ... تبتسم للحضور شفتاك ... معلنا سعادتك منذ أن غادرت دنياي دنياك !
" 5 "
وهنا ... ما زلت أنا
تلك التي أدخلتك مجرة أحلامها ... وأنفقت ما في جعبتها من أمنيات ...
وأسرفت عليك ببذخ كل ما تملك من مشاعر الفقراء الى الحب الجميل في قصور ثرائك ...
هنا ما زلت أنا ... عند مفترق الطريق ... عند تقاطع الخيبات ...
على حافة انهيار الأمل ... مغروزة في صدري خناجر رحيلك ...
أناضل كي لا تدهسني حافلات اليأس اللعينة ...
آمنتُ أنه لا لقاء سيكون منذ أن مزقت العاصفة سرب الحمام ...
من بعدها بدأ زمن التيه والعصيان !!!