كما تشائين كوني يا شهرزاد!
كما تشائين كوني يا شهرزاد!
فراس حج محمد /فلسطين
ألم تسمعي بالمثل الذي قال رمتني بدائها وانسلت، نعم لقد رميتني بدائك، داء العشق الممنوع والمرغوب عندما تسللت إلى روحي رويدا رويدا، فاحتلّ كيانك كياني وسكنني بكل تجبر وعنف وطغيان، وأفقدتني هيبتي ووقاري وحريتي، ولم يعد القرار قراري وحدي، إنه قرار القلب الذي تمرد علي بطقوسه التي صنعتها في مساءاتك التي سلبتني فيها راحتي وهدوئي وحرمتني أن يزورني لذيذ المنام، فكيف لي وأنا المستعبد والمسيطر عليه أن يعطيك حريتك ويطلق يديك؟ إنه طلب عزيز وغريب، أبعد كل ما حدث تقولين اترك لي حرية الاختيار والإرادة؟
كما تشائين كوني يا شهرزاد، أبعد أن تركت القلب رمادا تعصف به ذاكرة مجنونة مسكونة بكل تفاصيلك؟ أبعد أنْ جعلتني هائما في دنيا العشق الذي صاغ روحي صياغة أخرى على وتر اشتياقاتك في ليل لم يعد فيه قمر يضيء لروحي دربه؟ لقد كنت فيضا من نور وألق وبهاء، فغبت فأظلم كون كان مزهو الحضور بك.
لله درك يا شهرزاد وأنت تعتبرين المشاعر التي خلقت وتخلقت ذات مساء ليس مسكونا إلا برائع الأحلام تعتبرينها تموت متى شئنا وقررنا، كيف لنا ذلك فهل كنا كائنات آلية نعمل بآلة التحكم عن بعد، أكاد أشك في أنك قد فهمت كيف يكون العشق المدمر الذي لا يعترف إلا بقانون الحضور، ويشقيه دستور الغياب الذي كتبته ذات وهم فشلّ الروح وأشقاها في سعير حب سكبت كأساته في رمل منطق غريب ليس له من واقع وحياة.
من منا يا شهرزاد قضى على أحلام الآخر وأحال حياته جحيما بعد أن كان راضيا بسراب الوهم الذي يعيش فيه؟ من منا يا شهرزاد كتب موت الآخر في أسفار التلظي والشقاء والموت البطيء؟ من منا يا شهرزاد سطر بجنونه أفكاراً عرجاء صماء بلهاء خاوية تبكي انتفاضة قلوبنا وحياتها وتمردها؟ من غيرك أسقم الكائنات وأحياها؟ من غيرك أعطى للكون لونا زاهيا مرات متكاثرة وأعاد فمزق تلك اللوحة المفعمة بالورد والريحان والنسرين والبيلسان؟ من غيرك اعتبر الحب لعبة تُمارس؟ فدخلت اللعبة كما يحلو لك وعلى هواك فقط دون اعتبار لشهريار المنكوب بحبك والمغلوب على أمر قلبه فيك!
كفاك اختراعا للمنطق، فأين كان ذلك العقل وذلك المنطق عندما كنت سيلا جارفا جرف شهريار إلى الهاوية، وأوصلته إلى قعر مظلمة لا يكاد يرى فيها إلا قلبه الذي سرقته ليكون لك وحدك. من له حق على الآخر يا شهرزاد أنا أم أنت؟ وقد فعلت بالروح ما تعلمين، وكأنك كنت تودين أن تقتليه بلعبتك التي أعجبتك!!
نعم إنني أغار يا شهرزاد، وليس لي إلا أن أغار وأنا أرى الفضوليين والعابثين يحومون حول أزهارك ليقطفوها بشمة عابرة ثم يتركوها إلى زهرة أخرى، لا يعنيهم سوى العبث والتسلية ولا يفهمون من الحب معنى القداسة والانصهار في ذات المحبوب، ليس وصاية على أحد ولكنك أنت لي وأنا لك شئت أم أبيت ولا حرية لك من غير حريتي فإن حررتني من قسوتك وأطلقت روحك لتعانق روحي في الفضاء الرحيب سنكون قد ملكنا الكون بكامله وأفضنا السنا والنور في كل أرجاء المعمورة، فكفاك مكابرة.
سأظل كما أنا مهموسا ومجنونا، ولكنني لا أصطنع الغواية والمجون فالمحب العاشق لا يعرف لتلك المعاني رسما وكتابة، فهو يحيا بطهارة وسر المحبة طاهر بالضرورة، فهو لا يبحث عن متعة عابرة لا في مضاجعة الأفكار ولا الصور ولا حتى الذات، إنك في نظر شهريار مثال للبراءة والقداسة والطهارة، حتى وأنت في أعنف تجلياتك في قتل روحه وشحذ سيف أعددته ليكون شذر مذر في مدارج الألواح الإلكترونية التي تعطرت بأريج حب طاهر عفيف كان محكوما بالأمل، سأظل كما عهدني قلبك فلن أتغير ولن أتبدل، فالصادقون في عواطفهم لا يتغيرون، ولا يبدلون، فحبهم أبديّ وإن كان شقيا مُشقياً!!
سأظل باحثا عنك ما حييت ولن تسكت بلابل الأفكار إلا وقد أعطيتني حريتي وأعدت لي عقلي وذاتي المسلوبين، سأظل أنادي وأصرخ، سأظل رائحا غاديا أستنشق عبير الذكريات التي تعطيني الأمل، فأنا لا أحب أن أموت ولا أود أن أفارق ما تبقى لي منك، ولست براغب لك أن تُميتي نفسك عذابا وألما، أريدك أن تحيي على أوتار قلبي فتعزفي أغنية الحياة والجمال والقداسة يا سيدة الروح، فلأنك الأجمل والأبهى فأنت تستحقين أن تكوني سيدة روحي ومالكة كياني.
عليك من الروح سلام الروح يا سيدة الروح!!