يا نجمة الصبح...
يا نجمة الصبح...
إبراهيم جوهر - القدس
عصر اليوم كانت صديقتي (كاميليا) تهاتفني مستمزجة رأيي بفكرة إهداء الكتاب. لا أثمن ولا أبقى ولا أكثر معنى من هدية الكتاب على المستوى الفردي والجماعي للطلبة الخريجين.
(كاميليا) العميقة كرمح، الحنونة كسنبلة، المبشّرة كنجمة الصباح لامتني لإهمالي الإشارة إلى هذه الجميلة الهادئة في إشعاعها وتألقها وجمالها ؛ نجمة الصبح. قالت: إنها جميلة تنسحب بهدوء من المشهد لصالح تلك الطاغية بحضورها الغامر؛ الشمس.
الشمس ظالمة! مستبدة! تغطي المشهد وتزيح الجمال كله من لوحة السماء؛ ها أنا قد حضرت فلا شيء يبقى!
طغيان وجبروت؛ فلسفة( كاميليا) ذات الحسّ الأدبي المرهف والوعي الفلسفي المعجب.
سأثبّت المحادثة، قلت لها. وها أنا قد فعلت.
هي نفسها انسحبت (بهدوء) من لقائنا الأسبوعي منذ أكثر من عام، وأنا من نشر (إعلانا) يفيد(خرجت ولم تعد بحثا عن عودتها...)
نجمة الصبح . غمطتها حقها لصالح الشمس الأقوى، الأبرز، الأكبر...هل كنت أسعى لشمس في خيالي؟!
قل كلمتك وامش ،
على وقع أنفاس الصباح وتغريد جيراني حضر الهدهد . كان أكثر اطمئنانا لكنه لم يمكث طويلا. هل ينتقي شيئا من بقايا العنب؟ أم يبحث عن وطن جديد لائق بفراخه القادمة؟
لست أدري الجواب .
ما دريته أن النشاط الصباحي ممتع ، وأن الحياة اليومية في بواكيرها أكثر تفاؤلا وأملا ومعنى.
(قبل ما يبهق النهار) تنجز جدّاتنا أعمالهن .
حضر (إبراهيم نصرالله) إلى حالة الصباح، (قبل ما يبهق النهار). أمس - على هامش لقائنا الأسبوعي - طلب الكاتب (محمود شقير) أن أحضّر أربعة أسطر لتلقى يوم احتفال (القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية) حول الكاتب المبدع (إبراهيم نصرالله)، وهذا الصباح فرض نفسه على شرفتي هو صاحب (الشرفات)...لذا كتبت بعيدا عن التعريف بأعماله وسيرته الذاتية بأسلوب تقليدي مقتربا من معنى المبدع الذي ملأ الشرفات زيتونا وغضبا وفلسفة؛
(إبراهيم نصرالله؛ مبدع إنساني عربي فلسطيني عجن كلمات روحه بمداد قلبه ومن على شرفات الجليل وزّعها قناديل عشق وأرغفة خبز. كتب بصدق وانتماء ومسؤولية واضعا نصب عينيه غايات نبيلة تبني للروح وطنا وللإنسان العربي والفلسطيني بيتا من زيتون ونقاء. هو الذي بنى جسور المحبة والإبداع ورأى جسور العشق بعين قلبه يشعر باغتراب روحه حين يعبر جسر الآلام والدموع الواصل بين شطري الروح وفلقة الزيتون. لهذا وكثير غيره استحق لفتة تكريم وتقدير.)
ولأن الأديب لا سرّ له أذعت النبأ! أو لعلني ألمحت إليه إلماحا!
استمعت لخطبة الجمعة في أحد المساجد القريبة. الخطبة حملت صراخا أكثر مما حملت من تحليل وإرشاد وبيان...
من المقرر أن يزورني مساء وفد ثقافي من أعضاء لجنة أولياء الأمور المركزية لإطلاعي على مسابقة ثقافية سيعرضون فعالياتها على طلبة المدارس السبعة آلاف ...
النشاط الثقافي بدأ يستعيد عافيته في الآونة الأخيرة على مستوى الوطن.
الثقافة روح غابت في السنوات الأخيرة غيابا مرّا مؤسيا فنتج جيل من أعدائها غير الواعين لمعنى الكلمة والنغم والهوية والمعلومة .
غدا نشاط آخر في المدرسة القريبة لشباب البلد .
(حيّى الله همّة الشباب العالية وهي تسير نحو أفق من الجمال والوطن والمعنى)
عاتبتني صديقة لصمتي حين يتوجب الحديث وإبداء الرأي.
أشعر أحيانا أن ليس كل ما يعرف يقال، وأن في فمي ماء...
أحافظ على جزء من شعرة معاوية في حالات هدوئي أحيانا...لكن ضميري لا يكون مرتاحا...قل كلمتك وامش!
الكلمة موقف...أدري تماما، لكن (قاتل الله الجهل) !!