تطيّر
تطيّر
إبراهيم جوهر - القدس
(هل تطيّرت اليوم ؟ هل أومن بالتطيّر؟؟)
عند الثالثة سحرا كنت على الشرفة؛ شرفة التأمل والولادة.... الأفكار تتولد على شرفة الحياة كما تتولد الحياة من رحم الليل.
لا صوت، لا حركة، لا إشارة إلى الحياة في هذا السحر الساجي؛ سكون يشق الليل في هزيعه الأخير فيحتل غموضه وآفاقه.
فجأة يصلني صوت(تحية) بصوت اجتهد مهندسه ليكون صوتا حيوانيا غابيّا يدخل الرعب في نفس مستمعه!!
(أكره هذا الضوء الأزرق في سيارات الشرطة...) هكذا أنشد (توفيق زياد) ذات حلم ورؤيا. ماذا كان سيقول لو سمع الصوت (الحيواني) وهو يشق سكون السحر الجميل ؟!!
هي (تحية) بينية لمن في سيارة الدورية ومن يقف على الحاجز القريب في الجدار المقابل لشرفتي.
هنا كانت العصافير تغرد ذات مرة، فمن أبدل الصوت بالغناء؟
(التحية) الغريبة أيقظت ديكة الحي ونشّطتها...
ثم بدأت فقرة الأذان التحذيري الأول غير المتفقة على موعد بدء النداء...
تلك مسألة أخرى، تلك رسالة أخرى.
تجمعت المسائل في انتظار حلولها هذا النهار؛ مراجعة دائرة المياه، ودفع فواتير متأخرة عن موعدها الأخير بخمسة أيام، وإحضار كهربائي سيارات مختص لمعاينة العطل الفني للسيارة ، ومتابعة الأخبار على الشاشات العربية....
أمور هذا النهار سارت ببطء، وتعقيد، وتأخير فضاع وقت كثير في الانتظار والمراجعة والذهاب والإياب؛ لم تسر رياحي كما اشتهت سفني باختصار!
( هل كان ينقصني هذا الذي يحصل لبرنامجي؟! أسأل نفسي بقهر !
هل كان لصوت السحر دور في هذا الذي حصل؟!
هل التطيّر سمة جاهلية غير علمية حقا؟!!!
أنا اليوم تطيّرت به منذ بدايته...)
مساء أنظر إلى السماء العالية لأروّح قليلا في بركة الأزرق الجميل؛ القمر يختفي خلف غلالات الضباب الكريه. الليلة كان الضباب كريها وهو يحجب الجمال والصفاء.
صديقتي (أم المجد) تتابع سماع (أم كلثوم) وتبتسم بفرح. من أين تأتين بهذا التفاؤل؟!!
في اليوم عبرة وعبرة ( بكسر العين وفتحها) ؛ أما العبرة فنزلت، وأما العبرة فتنتظر من يستفيد منها...