خروب وزيتون وحرائق
خروب وزيتون وحرائق
إبراهيم جوهر - القدس
يوم النفير السلمي والدراجات الهوائية في محافظات الوطن؛ الشباب يتقدمون المسيرة؛ بدأت احتفالات إعلان الاستقلال.
بدأت حملات الشباب المرافقة لتقديم طلب العضوية يوم 29 تشرين الثاني في ذكرى إعلان التقسيم .
اختيار التاريخ لا يخلو من ذكاء،
الإصرار على تنظيم المسيرات الشبابية رسالة (سلام) وحضارة.
الآخر المتربص (الذكي) لا يحتمل .
أغلق (روح) قلقيلية بسلك شائك!!
قنابل الغاز والصوت أحرقت أشجار الزيتون في ترمسعيا.
الزيتون ضحية دائمة.
الزيتون الذي حملته حمامة نوح اليوم يموت ويحرق...
(لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي...) وكررها ثلاثا ، لكن أحدا لم يستجب.
أسقطوا الغصن ، وأحرقوا الشجر، فما الذي بقي؟!
نهار عادي في متطلباته العملية؛ عمل، وسفر، وغضب، ولوم....
شباب عن شباب يفرق...
ليت الشباب واحد! ليت ...
(الحصان قد يصل النهر، لكنّ أحدا لا يستطيع إجباره على الشرب...)
طحين الخروب !! شكرا (كاميليا)، شكرا (حنان).
اليوم علمت أن الخروب يكون منه طحين يصنّع حلوى بنكهة الأرض، والطيبة، ومعنى الأصالة واستغلال الموجود رغم فقره ليصير غنى رغم بساطته.
من علّم أمهاتنا رؤية الغنى الكامن في تراب الأرض وقشور الخروب؟!
طحين خروب صار بسكويتا أحضرته (أم لؤي) وكتبت (كاميليا) بخط يدها الواثق الحزين بلون أسود : من خيرات بلادنا، تعبنا وشقانا.
واكتفت بالكلمات ، وبالطحين، وبالنكهة المميزة. ثم غابت وتوارت في حزنها، وغموضها، وصمتها، وغيابها... نابت عن روحها زميلتنا المشتركة بصدقها ووفائها (أم لؤي) التي نقلت إعجابها الغريب بشخصيتها الغريبة المنسجمة مع ذاتها رغم (تناقضها) الظاهري!
هي رمز للمثقف المنسجم مع ذاته في تناقض واقعه. إنها (كاميليا) العميقة حد الغور، الصادقة حد الاكتمال.
(كنت هناك) للكاتب (جميل السلحوت) سيكون غدا على مائدة ندوتنا الأسبوعية.
(كنت هناك لكنني بقيت هنا في لحم القدس وحزنها)؛ كتبت سريعا حول الكتاب الذي يسير على نهج (أدب الرحلات) وهو يوثق رحلات الكاتب ويقدم قيمة أدبية، ووطنية، وفكرية، إضافة إلى قيمته التوثيقية.
لفت الانتباه هذا الحضور الطاغي للقدس في الكتاب.
قشور الخروب صارت طحينا حين صدق التوجه.
القدس حضرت بقوة حين صدق الانتماء.
وحده الزيتون ينتظر من يغسل حزنه.
وحده الاقحوان ينتظر أهله.
غدا يوم جديد. غدا يوم إعلان (الاستقلال) في الجزائر. غدا رأس السنة الهجرية.
سنة جديدة ماذا تحمل لنا ؟