في انتظار المطر
في انتظار المطر
إبراهيم جوهر - القدس
(الرب يكرههم)، الرب يحبنا، الله معنا...
تتهيّأ الدنيا لاستقبال دموع الشتاء في هذا الخريف . صباح مدلهم، غابت فيه العصافير والحمام والقطط. اختفت جميعها في انتظار ما يحل وما سيكون.
وحدي عشت الانتظار هذا الصباح متسائلا في انتظار غامض.
لا أقسى من الانتظار غير المعروف! تنتظر ما لا تدري، فلا تدري كيف ستكون ولا بماذا ستتصرف!
الحيرة تأخذ مكانها بوضوح لا منافس له هنا.
نهار ملبّد بغيوم شاتية ، وتوقعات بمنخفض جوي يتمركز في قبرص سيصل اليوم.
الرب يحبنا!!
الله معنا!!
كن مع الله ولا تبال. فالمطر خير نستقبله في شرقنا بحمد الله وبالفرح ؛ سيغسل الزيتون ، وسيروي الأرض ، وسيغسل القلوب .
المطر خير دائما منذ كان ، ومنذ أشهره (السيّاب) في (أنشودة المطر) حديثا.
كان شعراؤنا الأجداد منذ العصر الجاهلي يدعون للقبر بالسقيا (سقاك الله...سقى الله تلك الأيام ,,,,يا قبر سقاك الله ، سقى الله أيام زمان ، وفي تلفزيون فلسطين برنامج عنوانه" ساق الله ع أيام زمان"...)
السقيا للمكان والزمان دعوة إحياء لهما ووفاء صادق بحنين فاقد، فلماذا كتبت صحيفة(نيو يورك ) في عنوانها الرئيس: الرب يكرهنا؟!!
نهار الجمعة؛ نهار الدوريات ، والطائرات ، والاحتياطات .
الجمعة تجمّع . الجمعة تجمع.
تتوالى موجات خفيفة من الهواء تحمل أكياس النايلون المتطايرة. ذرات الغبار تفرقت والعيون أغمضت؛ إنه التهيؤ للقادم الخيّر.
الله يحبنا ، الله معنا . المطر بشرى خير وأمل وتفاؤل ....أداعب نفسي بمشاعر مضادة لكره المطر والثلج هناك ! لعلّي أغيظ ! لعلّي أجد فرقا آخر! لعلّي أثبت حقيقة الاختلاف في النظرة للحياة والطبيعة والمواسم ....لعلّي.
أمس سهرت مع موسيقى الأعراس التي وصلتني بإزعاج؛ سمعت أنغاما، وأصوات مفرقعات من كل مكان ...الليلة الجمعة والأفراح تسابق الشتاء.
التقيتها مساء أمس ؛ جاءت لتحضر ندوتنا الأسبوعية. شابة متمردة ذات قلم عميق ولسان سليط. كانت كسيرة الخاطر تميل إلى الهدوء والتأمل . وعدت بدوام الحضور بعد انقطاع ...الحياة بتجاربها تعلّمنا ، وتنضج مشاعرنا . الحياة تدعونا لمزيد من التعقل.
خطبة الجمعة نارية؛ تعيد السهم إلى القلب ! الخطبة جزء من الحياة والسياسة . الفرقة مستمرة ، والخلاف قائم مقيم.
هل من أمل؟ هل من رجاء؟
سرت في طرقات ضيقة محفّرة وصولا إلى بيت الفرح بعد ظهر اليوم : مبارك ، قلت وتغديت ...ثم رجعت . هناك عرس آخر أنا مدعوّ إليه في الوقت عينه فما العمل؟!
أنبت عني (رئاس) واكتفيت بعرس واحد...
(حمل أحدهم عنزة على كتفه فلم يحتمل الوزن الثقيل ، لكنه كابر قائلا: ضعوا الأخرى فوقها...!!!) هل سأكون كحامل العنزتين؟!
هل سأوفق بين المهمات المختلفة المتعاقبة والمهمة الجديدة(عضوية مجلس أمناء مركز ثقافي مثير للجدل والنشاط)؟!!
هل سأقول :....ضعوا الأخرى ، وأكابر؟!!
يهدّني الإرهاق...
الله معنا ، والرب يحبنا . هل نحب بعضنا؟!
الليلة ستصدح أغان ومكبّرات وأيد وحناجر، وستتطاير مفرقعات. سهرات متواصلة في أماكن متقاربة.
الطرق تضيق ، والهواء بارد.
أنتظر المطر.
مطر سيغسل الناس والأماكن والأشياء كلها...وسيروي الاقحوان.
لماذا تركتم الاقحوان وحده؟
ما حال (بقرة اليتامى)؟