رحل العيد
رحل العيد
نسرين صالح جرار
حين يأتي العيد ، يمر بالعديد من البشر فلا يجد له مكانا ليحط
الرحال بينهم ، فيحزم أمتعته وينطلق باحثاً عن أناس قادرين على الشعور بحلاوته .
طاف العيد على شعوبٍ تعودوا على رائحة الموت والبارود ، وأصبحت رؤية
الدم عندهم عادة بعد أن عربد فيهم الطاغوت ... فولّى هاربا .
مرّ العيد ببيوتٍ فقدت أحباباً لها ، ضمتهم
ظلمات ُ قبرٍ أو عتمة زنزانة ، فرحل عنهم .
نظر العيد إلى أسرٍ أتعبتها الحياة وقست عليها
حين حرمتها السكينة ودفء الحب وشتت أفرادها بعد أن سلموا قيادهم للشيطان فأشعل
فتيل الخلاف بينهم ، واستبدلوا نبض العاطفة بقلوبٍ كالحة ، فما وجد أنهم يستحقوا العيد ..
ربّت العيد على كتف ربّ أسرة أرهقته نفقات
رمضان ومتطلباتٌ لم يعد قادرا على تلبيتها بسب ضيق ذات اليد ، وسوء فهم الناس
لمعنى العيد ، فأفرغت جيوبه ، وامتلأ قلبه هماً بعد أن طالت قائمة ديونه ، واساه العيد
وتأمل معه أن يأتي يومٌ يقدر الناس فيه ظروف بعضهم ، ويتخلصوا من عاداتٍ باليةٍ
ألزمتهم بمجاراتها فلم يستطيعوا إكمال السباق .
احتار العيد كيف يواسي أيتاماً فقدوا
آباءهم ... كيف يكفكف دمع أم شهيدٍ ما برد
جرحه ... كيف يخفف عن قلوبٍ مكلومةٍ بسبب ظلم من كانوا يوماً أحبة ... كيف يعيد
الحياة لزنزانة أسير.... كيف يحرر أوطاناً طال احتلالها ..!!
رحل العيد .. لكنه سيظل يبحث عمن يستحقوا أن
يكون بينهم ...