مركز المدينة
إبراهيم جوهر - القدس
دلّني في الليلة الفائتة ولدي (رئاس) على برنامج ( خواطر ) ؛ البرنامج المقارن التعريفي بعادات الشعوب وتقدمها التكنولوجي والثقافي . شاهدت حلقة عن اليابان وشعبها المحب للعمل ، المخلص لهدفه ، المنتمي لبلده بعيدا عن أي رقيب خارجي . الرقيب عندهم داخلي كامن في التربية منذ النشأة الأولى .
الحلقة (اليابانية) أدخلتني في اغتراب المقارنة مع حالنا وإنساننا !
تحاورت مع عدد من أصدقائي وصديقاتي حول الثقافة الاجتماعية وبعض المفاهيم الشبابية .
كتبت للفنان ( كامل الباشا ) للمرة الأولى تتّحد ثلاث مؤسسات ثقافية مقدسية في الدعوة لمسرحية ( من تحت لفوق ) التي ستعرض غدا الاثنين على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني عند التاسعة والنصف مساء .
وحدة المؤسسات ( الوحدة الثقافية ) تشغلني هذه الأيام . كنت أبني عليها بعدما خاب فألي في ( الوحدة الوطنية / السياسية ) ؛ وحدة المؤسسات الثقافية أولى ، وأكثر نقاء فلا أهداف خاصة ولا مطامح ذاتية ، كما أظن ، أما تلك فيقف في طريقها برامج ، وآراء ، واختلافات ، وارتباطات ...
في بلادنا يتبع الثقافي برنامج السياسي ، فالواقع مقلوب ، ككل شيء سواه !
مساء انطلقت إلى بيت حنينا مرورا من طريق بيت لحم فباب الخليل . الباب مشغول باحتفالات غريبة ذات أضواء وموسيقى وحضور وسيارات متوقفة على الأرصفة لا تجد من يلاحقها بالمخالفات البلدية ولا الشرطية .
( هل تم التخطيط للاحتفالات الليلية هنا في " جورة العنّاب " ليحصل " التوازن " الإنساني " الاحتفالي " بين القوميتين في المدينة المقدسة ؟!! المسلمون يحتفلون بصلاة التراويح ويكثر سوادهم في الطرقات في الشهر الفضيل ، وكذا أريد للجانب الآخر ...)
انتبهت إلى الإشارات الإرشادية على مفترقات الطرق المشتركة في القدس وأحيائها هذه الليلة ؛ " مركز المدينة " إشارة تعريفية إرشادية ترشد السائق .
( مركز المدينة ) هو ( باب العامود )عندي .
( مركز المدينة ) المقصود في اللوحة الإرشادية مكان آخر بعيد عن ( مركز مدينتي ) .
قبل سنوات سألني أحد السائقين بلغة غير عربية عن الاتجاه إلى مركز المدينة فأشرت إلى اتجاه ( باب العامود ) فسار السائق . حينها توقعت أن يشتمني ظنا منه أنني خدعته !!
المدينة لها وجهان .
المركز له مفهومان .
الاحتفالات لها بعدان .
هنا يحضر الآخر بقوة ، وحدّة . هنا القدس ذات الأبعاد ، والهموم ، والواقع المكلوم .