ومصيبة الإسلام من جهاله!!

وخزة ضمير (33)

ومصيبة الإسلام من جهاله!!

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

رحمك الله يا أمير الشعراء، لقد كنت صادق صادما، وعارفا وعالما، حتى وإن لم يصنفوك داعية إسلامي، كنت تدرك وتعي ما لا يدركه غيرك من هؤلاء الدعاة المدعين، الجامعين الجاهلة من أقصى أقاصيها، أتأمل قولك التي صدحت به منذ زمن بعيد، فأراه شافيا وافيا، يغني عن كل كلام، فأعيده لأخبرك ببعض جهالنا المرموقين!!:

لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم

فمصيبة الإسلام من جُهّاله

نعم لقد ازداد عدد هؤلاء الجهلة المدعين، الذين صاروا سبة المسلمين، وواجهتهم الإعلامية، لتتراكض على أخبارهم وتنشرها لهم الصحف والمجلات والفضائيات فيشغلون الناس فيها ردحا من الزمن بين خض وحلب وجعجعة دون طحن، فيا لله كم مفترى على هذا الإسلام الذي أصبح الكل منصبا داعية إسلاميا باسمه، والإسلام منه بريء! يقول ما توحي له نفسه بترهات مخجلة للعقل، وليس لها سند من واقع أو نص أو فهم صحيح.

قبل أيام نشرت على صفحتي في الفيس بوك تعليقا عن "الداعية صفوت حجازي" يتهم فيها الفيس بوك بأنه مسيلمة الكذاب، وبأنه يجوز تقبيل يد الرئيس المصري الجديد "محمد مرسي"، هذا مثال حديث جدا، ويا لهول ما لاقيتُ أيها القارئ الكريم من تعليقات مناصرة لهذا "الداعية" مدافعين ومؤيدين لقوله، وتناسى الأخوة الكرام أن الهدف ليس شخص الداعية أو الرئيس محمد مرسي، ولكن الهدف لفت النظر إلى تلك الفتاوى التي تأتي في غير وقتها، ولذلك فقد علقت على الخبر بما يأتي:

{من هنا تبدأ صناعة الطاغية أن يكون بعض الدعاة دعاة لتضخيم الحاكم ووضعه في إطار من التقديس، فما الداعي لتقبيل يد محمد مرسي؟ أكان وليا من الأولياء لا يخطئ، لقد صدق المتنبي "وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا" متى نرى الأمور بحجمها ولونها الطبيعيين؟}، وهذا ما أردته بالضبط، مستذكرا في ردي على تعليقات الأصدقاء موقفا للرئيس البوسني المرحوم عزت علي بقوفيتش، وقد حضر إلى الصلاة متأخرا في أحد أيام الجمعة، فأفسح له الناس، ليصل إلى الصف الأول، فرد على موقفهم ذلك بقوله: "هكذا تصنعون طواغيتكم"، مع جواز ومشروعية ما قام به الناس وبأنه ليس بحرام أو مكروه، ولكنه كحاكم فهم المسألة بشكلها الطبيعي.

وأما الموقف الثاني الذي أثارني من جملة ما أثارني هو تصرف ذلك المصري الموصوف بالداعية "عبد الرءوف عون"، وهو مهندس، حيث يتزوج على قاعدة ملك اليمين، والغريب والعجيب عندما رجعت إلى الخبر بتمامه، أكتشف أنه قد تزوج زوجته، وبعد أن كانت حرة في عرف الدين فإنه قد استرقها وجعلها ملك يمينه، فقط من أجل أن يحقق حلما راوده منذ (15) عاما، بأن يتزوج بهذه الطريقة، ونسي أو تناسى هذا الداعية النحرير بأن استرقاق الحر لا يجوز، فبعد أن تخلصنا من الرقيق والجواري والعبيد، نريد أن نرجع زوجاتنا الحرائر إماء!! إن هذا لهو الجهل بعينه، جهل بالدين وقواعده وحتى نصوصه التي لا تحتاج إلى تأويل.

ليس هذا وحسب، بل إن الأمر ليزداد سوءا كلما كانت الجهالة والتخلف قبلة الدعاة الذين لا يعرفون من الدعوة إلا مظهرا خارجيا من التلبس باللحية والدشداشة والعمامة فقط، وتناسى هؤلاء أنهم غير مؤهلين ليكونوا في هذا الموقع الحساس والخطير، والعتب كل العتب في ذلك على الإعلام الذي يطبل ويزمر ويضخم هذه المسائل ويخصص البرامج بالساعات الطويلة على الفضائيات لطرح هكذا موضوعات، لتكون النتيجة في آخر المطاف "طاسة وضايعة" والإسلام في واد والمسلمون في واد آخر.

لعلكم تذكرون منذ سنوات فتوى إرضاع الكبير، وجواز أن ترضع الموظفة زميلها لتكون أمه! حتى تصح الخلوة والاختلاط، وعليه لن تكون هذه المنزلقات هي الأخيرة، وسنظل نشهد تدهورات حادة وانزلاقات قاتلة في حوادث مرورية مؤسفة من دعاة لا يفقهون، فمصيبة الإسلام، يا شوقي، من جهاله فعلا قبل أعدائه، فليتقوا الله فينا!!