المشاعر الإنسانية ليست وهما أيها الواهون الموهومون!!

وخزة ضمير (24)

المشاعر الإنسانية

ليست وهما أيها الواهون الموهومون!!

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

أتدرون أنه لا معنى للإنسانية من دون أن تتشارك الأفكار وتتعانق الأرواح، وتتشابك أنساغ القلوب عبر حضور أثيري طاغ هو ليس افتراضيا بالضرورة بل هوَ هو عين الحقيقة، وإن كانت في خفايا الأجهزة وزواياها، وإن حدث هذا في مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة.

ستظل هذه الأجهزة باردة صامتة إلا بما تحدثه عنا من عميق الخفايا وآمال الحكايا تحملنا نحو ما نريد، ولا نريد سوى مقاومة الوهم الذي يلبسه الآخرون لنا، بدعوى عبثية، وتعميم لتجارب شخصية، لا أقول فاشلة، ولكنها تجارب إنسانية وقد تكون حقيقية، صنعت أفكار أصحابها على عين مختلفة في نظرتها ورؤاها عن نظرتنا ورؤانا، فما الذي يصنع توجهاتك وأفكارك غير تجاربك الإنسانية المتنوعة في أشكالها ونتائج معاركها الحادة بين العقل الطاغي والفكر الحاد؟

أتدرون أن مقاومة الوهم أقسى من الوهم نفسه، لأنك تحارب بمجهول مجهولا من نوع خيالي، يسبح في الضياع ويفر من بين الأنامل، ولكن كل الذي متيقن منه أن المشاعر الإنسانية بشكل عام هي قرين الإنسان والمكون الثاني لشخصيته، وليست من صنع الخيال، وهي مع أفكاره تشكل شخصيته، ويتم الحكم على تلك الشخصية بمكوناتها جميعا، فنحن لسنا آلات تحركنا أفكار تبرمجنا دون أن يكون للمشاعر اتجاه وبوصلة، والعلاقة بينهما هي بالتأكيد علاقة جدلية.

فكيف تكون المشاعر الإنسانية وهما نحن صنعناه بمخيلتنا لجلب الرضا بالواقع؟ كيف يكون ذلك، وقد احتلت هذه المشاعر مكانتها في الفكر الديني عند كل ملة أو دين؟ فبغير المشاعر لن تستمر الحياة، ولن تجد أمّا تعطف على أبنائها أو زوجة على زوجها، ولحرّمت العلاقات الإنسانية المبنية على صدق المشاعر عند الأصدقاء، فهل كل تاريخ الإنسانية في هذا وتراثها كان وهما جارحا؟؟ إنه لمنطق وفكر غريبين، والأغرب أن يصدرا عمن جرب ولكنه انتكس، ولو فكر قليلا لعرف أن انتكاساته ووجعه الممض العاطفي هو دليل قاطع على وجود تلك المشاعر.

ورب سائل يسأل: ما سبب تغير المشاعر تجاه شخص أو فكرة؟ ففي وقت ما كانت المشاعر تجاه ذلك الشخص أو تلك الفكرة في أوج الاشتعال ثم تتغير، وحينها كنت تظن بأنها ثابتة ولن تتغير فما سبب تغيرها أليس الوهم؟

وأقول إجابة عن هذا الوهم الممتقع في تلابيب السؤال: إن المسؤول عن ذلك أن تلك المشاعر لم تكن في يوم من الأيام حقيقية، ولو كانت حقيقية لما بدلتها الأزمان ولقهرت كل الصعاب، فمن أحب بكل طاقته لن تتبدل مشاعره، فهل يمكن لأم ألا تحب ابنها يوما؟ لعل الجواب بالنفي، أتدرون لماذا؟ لأن مشاعرها تجاهه حقيقية وصادقة وثابتة لن يغيرها كر الدهور وتبدل الأحوال، وهكذا كل حب حقيقي بين اثنين قد يغضبان وينفر كل صاحب من صاحبه فترة، أو قد تعصف بهما وبعلاقتهما أعتى العواصف، ولكن إن كانت القلوب قد أحبت بإخلاص ستبقى المحبة أبدية ولن تتبدل أو تتغير.

فلا أدري كيف يتصرفون وهم قد ألغوا وأهملوا أو حيدوا نصف شخصياتهم، ألم تمر عليهم لحظات ضعف إنسانية، كانوا فيها بحاجة إلى البكاء؟؟

فيا ليت أصحاب الوهم الواهون يدركون ذلك، وأن لا يصبح وهمهم فكرة وقناعة فإنها الطامة الكبرى!