أبعد من الحواس...
أبعد من الحواس...
ضحى عبد الرؤوف المل
وردة الضحى
حبيبي...
يُبدع القلم رسم كلمات يلفّها ضباب حبّ كضوء خافت، لتكون المعاني صمتها لهيب حرف ملوّن من أنواره نرى الفواصل أنجماً، وهي تجمعنا جمع سنابل تُمسك بقدّها المياس، كعمق لواعج قلب صامت يتأوّه بين أجفان ظلام دامس، أراك فيه زنابق بيضاء يُلامسها نسيم صُبح شاحب في عين غروب ينزف دمعاً، يخنق الأنفاس... كموج بحر يُلقي جفاه على رمل يزيد من جَواه ويمتلك بفنّ كل إحساس...
حبيبي... مُدَّ يد قدر مُسترخياً من انزواء!.. من انطواء!.. من ألم!.. من تعب!.. فأنت الحبيب، وأنت من امتلك الروح والحواس... ها نحن نستريح في فسحة من خيال، لنرسم علامات التعجب على ورق صامت، وقلم يصرخ حبره!.. أين أنت يا أغلى الناس؟... ورسائل نُزيّن بها مشاعر مكبوتة نرميها بنقاط متعددة على دروب القرّاء، فنحن أول القارئين وأول من يقرع أجراس المعاني وفي النفس أمل لا يعرف اليأس...
فكيف تكون اللغة تبعاً لقواعد النحو قاسية؟!.. ونحن من نزيّنها بعقود من ألماس، ونملأ الأحاسيس التي تخترق كل معنى بقدسية حياة نحياها، فلا نخاف لومة لائم ولا نظرة حاسد، ونرفع آيات حبّ ترفرف فوق كل رأس، فاخفض جناح لُغتك، واكتب ملحمة لا تنتهي في كل قلب عاشق يُقاسي...
ها أنا شريدة حواسي!.. شريدة كل حرف لا يشفي قلباً عاشقاً خدّره دهر يشتكي من شر وسواس خنّاس، فالعين تجفّف دمعها!.. والشفاه تفتش عن نداها!.. والنفس امتلأت حباً يرتقي إيماناً تمادى في كل كلمة رفعنا لواها!.. فكيف أنساك وأنت انطلاقة الروح التي تتخطى حدود الزمن والحواس؟.. كأنها إرادة إلهة أزلية، وأنّةُ أنثى كملاك، فمن نور السماء خُلقت النجوم، فإن كان هناك من عطاء نور إلهي يُلامسنا كي نُضيء به الليالي بكلمات حبّ تطير كأطيار فجر!.. كثمار شهوة!.. كسكرة نبيذ معتّق في عناقيد كروم تصحو في الأقداح!.. كعناق طبيعة بكر في كل صباح!.. كناسك يداعب أبواب صومعته قبل ان يغلق أبواب الأرجاس ويفتح كؤوس الحواس.
فهل هناك آلهة ترعى قلوب المحبّين وتُمسكها من زلل يقتل كل حبّ محروم من عشق طاهر تهواه كل أنثى يخلو قلبها من الأدناس!؟..
حبيبي.. كُن أبعد من الحواس، وانطلق مع روحك نحوي، واسكن قلباً كي تسمع موسيقاه، فأنت لحنه وتلحينه ونغمة من فيض معناك... فمتى يجمعنا الوجود؟!.. بعد ان غدوتُ تنهيدة في صدر مُتعب؟!.. ام أوراقاً منثورة.. تحملها حمائم السلام؟!.. ام نوراً في كل عين تقرأ!.. فتُدرك المعنى المخفي في أسطري خلف شوقي الملحاح الذي يراك كما الزهور البرية التي تعيد إلينا عطر الحياة، كما حنين شموس خيوطها نور يشع من عينيك، فالروح تتوق لجمعك والبصر أتعبته أضواء الانتظار فمن يؤمن يَرَ...
فكيف يا حبيبي لا تراني!؟..
استفاقت، فكتبت لك من أحرفي ما هو أبعد من همس!.. من تفعيلة!.. من ترتيلة في دعاء مستجاب...
فكلما هامت أشجاني، زادني الحزن ارتعاشاً، وعلى شفتي بسمة من ثغرك تُضيء لبّ القلب، فلم أودعت لجّة الصمت سراً من اختلاج حُبّ اختلطت به أنفاسي؟؟.
أيها النورس التعب من أفكارك السجينة، في قلب كل أنثى قرأت قصائدك، فكتبتها كزهرة مزقتها يد الريح وزادتها أنفاسك مآسي، خُذ عمري... خُذ روحي النابضة وتوسّد في كل ثانية أحلامي!.. واقترب مني لتعانق أنفاس كون تأملته وتأملني تراءت له أشباح وداع وتراءت لي زهور اللقاء...
حبيبي... أرسل من نورك ما تشعّ منه حواسي، فلو التقينا للمرة الأخيرة!.. فليكن لقاء بداية لا نهاية له، فالحبّ يحملنا على كفّيه يرفعنا حين تنساب الدموع في المُقل!.. حين يتّكئ الموت على أكتاف الحياة!.. حين يحيا الفرح على شفاه الأقواس حين تفوح روائح المسك!.. ليحيا كل إحساس...