انسان
انسان
حيدر الحدراوي
تمنيت لو كنت سمكة , اغوص في المياه , وارى ما فيها , اسبح بانسيابية , ألهو واقفز في الهواء , ثم اعود واغطس في الماء , لكن السمكة ضعيفة , وحجمها صغير , ولحمها لذيذ , فيطاردها المفترسون ! .
تمنيت ان اكون شيئا اكبر , ربما دولفين , اتنقل في البحار الشاسعة , الهو مع رفاقي , نغني , نصطاد الاسماك , ونهرب من ضواري البحار .
تمنيت لو كنت قرشا , اعوم في البحار بهيبة زعانفي , اجوب المحيطات , استكشف السواحل , اثير رعب الكائنات , فأصول هناك واجـول ! .
تمنيت لو كنت حوتا , ضخما مهيبا , ارج المياه بثقل وزني , اخيف الكائنات بحجمي , اطوف المحيطات بطولي وخفة رشاقتي .
لست ادري , ان كان من ذا ضيق صدري , ليتني كنت ادري ! , ان الله قد رفع قدري ! .
كم كنت اتمنى ان اكون حمامة او عصفور , اطير في الهواء الرحب , اتباهى بجميل زخارف الوان ريشي , ام اكون صقرا او نسرا , احلق بهيبة الجناحين , استكشف السهول والوديان , احدق في البراري والبحار .
لست ادري ! , ان كان في ذا علّو امري , ليتني كنت ادري ! , فأعي سمو قدري ! .
كم كنت اتمنى ان اكون نملة , احفر الارض فادخل فيها , اتجول في دهاليزها , ارى منها ما خفى عني , واقف على اسرارها , فأرى ما لم استطع ان اراه ببصري .
لست ادري ! , ان كانت تلك الاماني من قلة صبري , ليتني كنت ادري ! , ان في الصبر حلاوة تسري .
كم وكم كنت اتمنى ان اكون اسدا عرمرم , اجول الفيافي والقفار , الصحاري والغابات , ازرع هيبتي والخوف مني في قلوب تلك الحيوانات , فيصيبها الذعر , وترتجف فرائصها لرؤيتي !
لست ادري ! , ان كنت أتمرغ في وحل جهلي , جهلي قد حجب بصري , ليتني كنت ادري ! , ان تلك الاماني قد اغشت بصري وبصيرتي , فلم ارى نفسي , ولم اكد اعرف ربيّ ! .