هنا الكويت!
هنا الكويت!
محمود رفعت
وصلتُ الساعة الثالثة فجرًا بالتوقيت المحلي إلى الكويت بعد أيام من الصخب والحركة لم تتوقف فيها أمواج السعادة عن غمرنا محملة بمراكب الأمل ، ولا توقفت هذه المراكب عن رطم رؤوسنا التي لم يكن لها ذنب إلا أنها حلمت بالحياة الكريمة فعوقبنا بالإلقاء في بحر الفوضى والحيرة والانقسام نبحث عن النجاة ، ونناضل للوصول إليها، ونتعلق بحبال مراكبها المتآكلة، ثم تذهب الأمواج بهذه المراكب كما أتت بها أول مرة ، وتتركنا لا نعرف إن كان أملا حقيقيا أم سرابا ضائعا...!
عدتُ تتنازعني الكثير من المشاعر والأفكار ، لا أدري بماذا أهتم أو ماذا أهمل
عدتُ محاصرا بالهموم لا أنظر إلى نفسي إلا وجدتني عائدا إلى عمل بغيض في ظروف كريهة يطغى علينا فيها مسئول ظالم، ولا أنظر إلى بلدي وأهلي إلا وجدتهم يئنون تحت سلطان حكم عسكري لا مانع لديه من أن يحرق البلاد والعباد حتى يؤمّن كرسيه اللعين ومصالحه العتيدة ، ولا أنظر إلى أمتنا إلا وجدتها مهزومة مستباحة من كل جانب، وفي كل ميدان .
عدتُ تشرق كواكب الأمل في سمائي المظلمة كلما ذكرتُ هؤلاء الأبطال الضعفاء المنسيين الذين يقبلون على ابتلاءات أشد من الموت بصدور عارية تسترها أشعة الحب والأمل والفداء المشرقة من هذه الصدور.
عدتُ وآخر ما أذكر من حوادث شارع منصور هذا الشاب الذي أصيب بطلقة خرطوش، وعند ركوبه مع زملائه الشباب المصابين سيارة الإسعاف يسأل المسعف في لهفة وهو يشير إلى عينه: سليمة؟ سليمة؟
أجل أنا خائف بشدة، ولكن لا يزال عندي أمل !