الضيفُ الكريم
محمد عميرة – القدس
لما كنت جالساً في صالون زوج شقيقتي وفي الزّاوية الأدبية منه ، طرقتْ مسامعي نقراتٌ لطيفات ٌ على زجاج النافذة ، كدتُ أحسبها نقراتُ طفل ؛ فإذا هو الشتاء الجميلُ يسكبُ دموعَ السماء التي ارتوتها من أرضنا ، وحزننا ، وصبرنا ، وقهرنا ، وانتظارنا ...
أزحتُ الستارة ، وفتحتُ النافذة بلطف ٍ ؛ فلا أعرفُ ما النسيم الذي رفرف على ستارة قلبي ، أهو نسيم دموع السماء المواسية ، أم نسيم البهجة السنوية بهذا الضيف الكريم ، والكثير البكاء .
ابتلتْ ستارة ُ النافذتين من تلك الدموع الرقراقة فتعانقتا بحرارة، وابتسمتا بمرارة ، وبعد تزاوج المشاعر بين المادة والروح طارت روحي شوقا ً إلى ما وراء حديد النافذة الصلب ، وحطتْ على شجرةٍ منعزلة ٍ وسط َ هدوء سحر الليل ، والتي عزفتْ على أوراقها جوقة قطرات السماء ؛ فأضفى جمالُ اللحن جمالا على روحي ، كما أضفى عزْفُ القطرات على أوتار الليل السوداء الهادئة لحنا أضاء الليل فغنى .
ولما أسْندْتُ وحدتي على جذع هذه الشجرة بدا لي الشتاء ُ مشمراً عن ساعديه وكأنه يوحي لي أنّ عليه عبئا ً كبيرا هذه السنة من تطهير ٍ للأرض وأهلها ... استعدادا ً لعيد ٍ كبير .