الكتابة على صفحة الهدوء

محمد عميرة – القدس

[email protected]

من عمق ليل الظـّلام أكتب ليس إلا للاستئناس برائحة الحبر السّاحرة هذه المرّة ، والتي تملأ هدوء الفكر في هذا الليل الصامت ...

 جميل هادىء هذا الليل في هذه الليلة ... حتى القمر بشعاعه الأبيض الملائكيّ الهادىء لم يطلّ عليّ من نافذة الغرفة الغربيـّة ... فزاد الهدوء هدوءا ...

 بدت لي نجوم السّماء كالأيتام ، وكأنها تبحث عن قمرها في درب التبـّـانة ...

لكن ... تـُـرى ... ما الذي أيقظ هذه الديَـكة لتمزّق هدوء الليل بصياحها ؟ وماذا تريد أن تقول ؟... ديك يصيح من الشّرق ، وآخر يردّ عليه من الغرب ... حتى هدوء الليل لا يريد أن يستمر ...

 لم أنزعج من صياح الديكة ؛ لأنه أضفى زينة على هذا الهدوء ... لكنها لم تلبث أن صمتت ، وكأنما عزفت سيمفونيتها في وقت محدد ... وعلى فترات متقطعة ، وبانتظام وكأنها تتواعد على ساعة ٍ دقيقة ٍ نجهلها ...

 عواء الذّئاب المُتمدّد أحيانا في أعماق الليالي يشعرني كأنما يناديني للمجهول البعيد ... وحبـّي للفضول في معرفة ذاك المجهول يحثـّـني على محاولة تفسير تلك النداءات الليليـّة والتأمل فيما وراءها ... لكن دونما جدوى ...

 بعد أن سكتت كل تلك الأصوات والمعزوفات ... شعرت بأني بقيت وحدي في ساحة عتمة الهدوء الليلي ممّا جعلني أشعر بنشوة السعادة والانتصار أثناء كتابتي لهذه الكلمات على صفحة الهدوء الليليّ ...

عندئذ وضعت قلم الحبر فوق صفحة الهدوء ...