بعض عجائب أهل زماننا
محمد عميرة – القدس
العجيب أنك ترى بعض الناس يعبدون المال وينكرون !
تراه شديد الحرص على المال دائم التفكير فيه ، ويحسب كل يوم كل قرش يصرفه وأين ذهب ولماذا ذهب والجدال لا يتوقف طيلة الشهر حول العمل والمال ويسأل أبناءه كم يوما تغيبتم عن العمل وكم ساعة اضافية عملتم ... فينصدع الرأس منهم ولا تنصدع رؤوسهم ! وترى عابد أو عاشق المال يميل نحو الأغنياء وإن كانوا فسقة فيحبهم ويزورهم ويؤثرهم على أقربائه ويأخذ لهم الهدايا في المناسبات الصغيرة والكبيرة ، وينسى أن الرزق مكتوب ، كالحياة والموت .
ومن الناس من يعبد المنصب ولا يشعر ، وذلك حين يعطيه الله منصبا ولو صغيرا تراه يكذب على من هو أقل منه درجة في العمل أو حتى على زملائه ، فحين يأتي المسؤولون لتفتيش أوراقه فيجدوا مثلا خطأ صغيرا ، فتراه بسرعة البرق يلفق كذبة ويلقي بخطئه على من هو دونه دون أي تفكير بعواقب ذلك عند الله ، أو خوف من الله ، فخاف العبد ونسي المعبود .
والعجيب العجاب أن المسؤولين يصدقون - عن قصد أو دون قصد - الأعلى درجة في العمل تصديقا مطلقا لا يقبل النقاش في غالب المؤسسات والأمكنة ، والعزاء أن الله يحكم بينهم يوم القيامة ، فلا يظلم مثقال ذرة .
ومن الناس وخاصة بنات آدم ممن يتسلطن على أزواجهن ويحرضنهم على آبائهم وأمهاتهم وأشقائهم فيطيعوهن وينساقون لهن كما النعجة للراعي ، فيزور أهلها معها ولا تزور أهله معه ، ولا يحتجّ خوفا من (العقاب) .
فإذا قالت له إن لون القهوة أبيض قال لها : صدقت وما أنصعَ بياضها .
ومن عجائب هذا الزمان أنك ترى إنسانا أعطاه الله الأولاد والبنات والدّور والسيارات ، لكنه بدل أن يشكر الله ويحدّث بنعمته تراه ينظر لغيره ولو كان أقل منه ويتكلم ويحسد ويحقد ؛ من أين له هذا ؟ وكيف له ؟ وكم دونما من الأرض عنده؛ فتراه دائما مهموما مغموما ، ماذا يريد ؟ ماذا به ؟ الله أعلم !
ومن عجائب هذا الزمان الفقير المتكبر يكاد أنفه يلامس غيوم السماء ؛ فالكبرياء لله من نازعه فيها قصمه الله ، فتراه هجوميا في الكلام والجهومة على وجهه .
ومن عجائب هذا الزمان الفتيات اللواتي جمّلن ظاهرهنّ ونسين باطنهنّ فلا تنطق ألسنتهنّ إلا بكلمات يستحي القلم أن يكتبها ؛ يتفوهنّ بتلك الكلمات بكل سهولة ويسر ؛ بل وهنّ يبتسمن ويضحكن .
أولا يعلمن أنّ أجمل ثوب ترتديه الفتاة هو ثوب الحياء ؟!
ثم إن الشباب حين يريدون الزواج فإنهم يتركون المتبذلات المتبرجات ويبحثون عن الفتاة المؤدبة المتحجبة لأنهم يغارون على عرضهم ولا يرضون لزوجات المستقبل أن يكنّ متبرجات لكل الناس .
ومن عجائب هذا الزمان أنك ترى بعض المتمسكين بالدين يحرصون على المال بشكل عجيب ويبخلون ، والناس العاديون تراهم كرماء النفس وينفقون .
ومن عجائب هذا الزمان عقوق الأبناء لآبائهم وأمهاتهم ، والعقوق من الكبائر ، فتراهم يصلون ويصومون وينصحون الناس ، لكنهم ينسون أنهم يرتكبون كبيرة من الكبائر ، بل وأحيانا يشتمون والعياذ بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومن عجائب هذا الزمان أن المعلم إذا أراد تنبيه الطالب وضربه ضربا خفيفا للتأديب فإن الطالب يشكوه لأبيه فيأتي الأب إلى المدرسة كأنه ذئب ويهاجم ويعنف المعلم بدل من أن يقف مع المعلم ، فيزداد الطالب حمقا وجهالة وعنادا مما يؤثر على العملية التربوية والتعليمية سلبا .
ومن عجائب هذا الزمان في الرشوة – ليست الرشوة نفسها – بل من ينظرون الى الراشي الذي حصل على ما يريد بالرشوة فيفوز بما رشئ لأجله ؛ فيصفقون له ويباركون له .