السّجنُ الخالد
محمد عميرة – القدس
إهداء إلى كل الأسرى في السجن الصغير والسجن الكبير
تمرّ ُ الأيام مرَّ السّحاب ، كالجبال ... فالأزمنة تمرّ والأمكنة تمرّ والرجال العظماءُ يمرّون ، وكذا الأفراح والأتراح .
فمنذ تبادل الأسرى عام الف وتسعمائة وخمسة وثمانون وتبادل الوفاء للأحرار عام الفين وأحد عشر مضى أكثر من ربع قرن من الزمن كان كأربعة قرون ، وذلك أن المعذّبون يرون الزّمن ثقيلا بطيئا ً بـُط ء سُـلحفاة ٍ مـُعمـّرة ، بينما الآخرون المنعّمون يرون َ الزمن يَخـْـطًـفُ نعيمهم وأعمارهم كالبرق .
وفي النهاية كما يبتلع الثقب الأسود كل شيء يبتلعـُنا جميعاً الزمن ُ لمرحلة ٍ ذات قوانين َ أ ُخـَر وأبعاد ٍ أ ُخـَـر .
فالزمن هو أكثر ما يبعث على التأمل والتفكر .
فكأنه وليد ُ الحركة ، وكأن الحركة َ وليدةُ كـُـنْ فتوالدت الأحداث إلى ما شاء الله ، فحدثت سجونٌ حين كنا في ظهر أبينا آدم عليه السلام حيث أخذ الله سبحانه وتعالى علينا العهد والميثاق بأنه تعالى ربـُّــنا ، ثم سُجـِنّـا في أرحام أمهاتنا في سجن الأرض لمّا هبطنا إليها ، ثمّ سُجـنّـا في البرزخ ، ثم إلى السجنين الخالدين سجنُ الجحيم والعياذ بالله منه ، وسجن الجنة ونسأل الله تعالى أن نكون فيه .
فإذا كان القبر أو البرزخ ُ يـُطلق ُ على من يدخله ُ زائرا ً فإن سجن الدنيا أو زيارتها كمن جلس يحتسي فنجان َ قهوة .
فكأنه لا عذاب ولا سجن ... بل تبقى ذكريات ، وكأنه لا دنيا ، لأن ما بعدها هو الحياة .