شايٌ في الجزيرة
محمد عميرة – القدس
حين فتح عينيه ِ علم أن سبب يقظته مداعبةُ حرّ الشمس الباسمة له من خلال تسلل شعاعها إليه من بين أغصان الجزيرة الخضراء ، وأنها أضحت شامخة وسط سمائها ، وقد بدت له متخدّرة (1) خلف أوراق شجر الجزيرة الكثيف ، كما الحسناء في خدْر ِها الأزرق .
أوقد بعض أغصان أشجار ٍ يابسات ٍ وضعهنّ بين أحجار ٍ ثلاثة ٍ صغيرة ليغلي على ناره كوبا ً من الشاي ينبه ُ أمله .
بحث في جيوبه ومكان قيلولته عن قلمه ، فلم يجدْهُ ، ثمّ تبسم لما وجدهُ خلف أذنه ساعد على بقائه كثافة شعره ، ولمّا وجد أن حبره يوشك على النفاد ، قال في نفسه : ربّما أستطيع عصر أوراق من هذه الجزيرة الخضراء وأكتب بحبر ٍ أخضرَ . وحتى يغلي الشايَ كتب :
لم يعد المدخنون يهتمون بما يكتب من تحذير ٍ على علب التبْغ ِ ، لكن ألا تبدو الأقلام كلفائف التبغ ؟ وهل يا ترى يضعون يوما ً تحذيرا ً رسميا ً على الأقلام بأن الكتابة تضرّ بالصحةِ والحرية ؟ وهل سنغرس يوما أقلامنا في قلوبنا لتصبح دماؤنا أرجوانية ؟
(1) متخدرة : من الخدْر – تخدّرت الشمس : أي غطاها وحجبها الغيم .