نجم الشرق
محمد عميرة – القدس
حين تلفّت الطائر الرماديّ غربا ً وهو في قفصه النحاسيّ الكبير الجميل – حيث مكانه وزمانه – إلى صفحة السماء الجميلة الواسعة رأى نجمة ً منعزلة عن باقي النجوم لفتت انتباهه فناداه انعزالها فخاطبها مستأنسا : أيتها النجمة الغربيـّة موتي كرفيقاتك القديمات وابتلعيني كذرّة من غبار نجم .
فقالت بلغة شعاعها الذي حلـّلته عيناه : دعْكَ مني أيها الطائر المـُنتظِر ومن وحدتي وبعدي ، ولا تستعجل موتك وموتي فإن أعمارنا نحن النجوم بنات السماء لا تـُقاس بأعماركم أهل َ الأرض وسبحان الحيّ الذي لا يموت ، ولكن انظر إلى جهتك الشرقية من صفحة السماء وتفاءل ، فأنت في زمن ميلاد نجم الحياة والميلاد والبعث ، والذي سيظهر من الشرق كما ظهر النجم الخاتم قبل قرون .
قال لها : لقد كنت وما زلت وما يئستُ أنتظره ؛ لأن نوره سيملأ أركان المعمورة وتَسْعدُ به كلّ الأطيار ِ أيـّما سعادة ، ولكنني حين رأيتك أيتها النجمة كأنّ نداءاً حزينا قرأته فيكِ من الماضي ناداني ولا أعرف كنهه .
قالت : بل في أعماقك تعرف ... ناداك َ لـَمـَعاني وسأفسّر ُ لك المعاني فعيناكَ لا تنظران ِ للأواني ؛ إنه حزنك الحاضر على الظلم وانقلاب الموازين وسخافات ِ المقاييس ، إنه اشتياقك للماضي المجيد وعدالته التي طالما اشتقتَ إليها ، والتي تُعيدُ الأمور إلى نصابها في زمن ٍ ما أصعبَ أن يتحكـّم َ فيه الأنذال ُ بالأحرار ِ .
فقال : صدقت ِ ، ولربما نستعيد ربيع زماننا الأخضرَ بعودة العدالة والسلام لتصبحَ الأرضُ بهما مـُخضـّرة .
والتفتَ الطائر الرمادي إلى النجمة ليودعها فكانت تاهت بين ناظريه ِ ، أو تاهتْ هي في عينيه .