شيءٌ من وطنيَّة

أسماء ياقتي

[email protected]

فيما ركبُ الشهداءِ لا ينتظرُ أحداً ليُسفِرَ له عن رحيله .. وفيما هي ثورة الصمتِ تلعنُ حناجرها وتصهَلْ.. وفيما خوفُ الموتِ يهزُّ أركان النفوسِ التي طواها الاستعبادُ سنيناً طويلة.. وفيما فَلَقُ الصُّبحِ يتمطّى بفجرٍ حُرٍّ حاملٍ جحافل الحرية..... يزمجِرُ قلمي؛؛؛

وتصيرُ الغربةُ محطّةَ انتظارٍ لا أكثرْ!

ويصيرُ البيتُ – هُنا – خيمةَ لاجئٍ لا أكثرْ!

ويصيرُ القلبُ – هناكَ- صابراً هنيهاتٍ أُخَرَ لا أكثرْ!

ويشرئبُّ الحُزنُ...

يا وطناً تعلَّقَتْ فيه المُقَلُ أكثر من تعلّقها بقمرٍ يهِلُّ علينا.. أكثرَ من عِشقٍ..

يا وطناً رخّصَ أرواحنا طواعيةً فجاءتْ أُمَمُ التاريخِ في جيناتِ الثُّوَّارِ تُعتِقُ ما عجِزنا عن رتقهِ في سنيِّ غربتنا الطِّوااااالْ؛؛؛؛؛؛ لتنتفِضْ

وانتفضت منها أحزاننا.. بعد مرتعنا في أراضٍ شتّى نبحثُ عنكَ .. نحملُ طينكَ .. نتوارثُ أوصافكَ، ونرصفُ من شوقنا طريقاً إليكَ؛ كلما دعانا الحنينُ، فيا كُثرَها تيكَ الطرقُ التي مُدَّتْ وفجّرَها الحاقدون.....

...

فأتينا على هشيمِ أحلامنا.. ندوسه فتُدمى أقدامنا.. نتابع المسير، ويطولُ الطريقْ

ونكبُرُ، فتكبُرُ بنا؛ وطناً روحاً يحلِّقُ في المَهَجِ ليُأجِّجَ فيها تَوْقَ الحرية..

ويموتُ منا أعزاءْ.. فنبكي!

أتدري إذ نبكيهم، نبكي غربةً أبعدتكَ؟ ونبكي تاريخاً أضعناهُ عنكَ؟ ونبكي مُدُناً لم نعشها فيكَ بهم؟...

أتدري كم بكينا في الغربةِ وكم ما زلنا نبكي؟!...

..

ثمّ علّقنا نفوسنا .. واستطردنا بنا ..

ولحقنا بصريرِ الرغبةِ ::: صمتاً تكتَّلَ على الوجوهِ.. وحدَّبَ الأكتافَ

صمتاً تجلّى – أربعينَ عاماً – ليستيقِظَ على "حائط مبكى الحرية" ويعُمَّ كلَّ الأرضِ – أرضكَ – فيوقِظُ الثُّوَّارَ .. ويشحذَ في عروقهم رغبةَ الغربةِ التي عشناها.. رغبةَ عودةٍ ذات حُريّة!

فهل نعود؟!

و يا وطني.. تقتلني أسئلتي.. وتغرُزُ أظفارها في حنجرتي!!

و يا وطني.. دنّسوا أنسامكَ.. وغيّروا أسماءَكَ..

فلماذا لم تفتح لنا ذراعيْكَ مُرحِّبا؟

لماذا؟ وكلُّ الأرضِ ضاقَتْ حتى لتكادُ لا تتسِعُ لآمالنا بعودةٍ ذات حريةٍ أحراراً كما تُقْنا إليكْ

فهل ننتظِرْ؟

و أدري أنّ الصُّبحَ قريبْ **... قريبٌ جداً حتى أنهم لا يعلمون..

وأدري أن الظلمَ ليلٌ .. وأننا من الإصباحِ أتَيْنا..

فَأنِرْ لكل الذين عشقوا ترابكَ طريقاً كي يشُقَّ النورُ من دماءهم أرصفةً ننام عليها.. فقد تعبنا غُربة!

** "إن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب" بلى بلى بلى.