إجازة الصّيْف
محمد عميرة – القدس
ما زلتُ مولعا ً في كل إجازة صيفٍ بعمل رزنامة لشطب الأيام القهوية اللون والطعم والرائحة ...
ثم ما ألبثُ أن أتفاجأ بمرور أسبوع أو أكثر لم يشطب ْ فأجرّ عليها قلمي جرّة واحدة ببسمة شامتة ، وما منا من أحد ٍ إلا ومرّتْ عليه أيامٌ بطيءٌ شعاعُ شمس نهارها ... ثقيلٌ شعاع ُ نجوم ليلها .
في هذا الصيف الجميل أضفتُ لإجازتي إجازةً حتى من عمل الرزنامة الممتع ، وكالعادة يتخللُ هدوء هذا الصيف الحار صوت الباعة المتجولون ينادون الأولاد بصوت جهوري : ( توتيا ... نحاس ... ألمنيوم ) لشرائها منهم ، فلكل فصلٍ عندنا تجارُهُ ... ربما لأن قضيتنا قد تاجر بها القريب والبعيد والتاجر وغير التاجر .
كما يتخلل صيفنا كل سنة حزمُ أمتعة المشتاقين لزيارة الأقرباء خارج جدراننا ، واستقبالُ العائدين من دراسة أو عمل لتسْتقبلهم جدرانٌ كثيرة قبل استقبالنا لهم .
وبالرغم من مهرجانات الصيف الكثيرة وخاصة حفلات الأعراس والتي تقلق هدوء النجوم السّاهرة إلا أن رحيل الصيف يكاد يكون أسرع من رحيل الربيع ؛ لذا أحببت أن اجري اتصالا هاتفيا مع الأمس في هذه الإجازة السريعة ، وحين تحدثت مع الأمس بادرني بالسؤال المعتاد عني فأجبته : إنك أعرف مني بنفسي لأنني ما زلت أسمعك في نبضات قلبي وأحسّكَ تسري في شراييني ، وكلما ابتعدتُ عنك رأيتك أكثر وضوحا ً .
كانت على طرقات الأمس التي مررتُ بها زهورٌ ذات أوراق فضية ، ولما تهتُ في طرقات المستقبل ومررتُ بنفس الطرقات ، أو مرّتْ بي رأيتُ تلك الزهور أضحتْ أشواكا ً ، وما زالت تطوّقها الأوراق الفضية ، ولما اقتربت من إحدى تلك الأوراق رأيتُ نفسي فيها ؛ فإذا بي ما زلتُ كتلك الزهور التي كانت بالأمس .