ذكرى لا تنسى

ذكرى لا تنسى

محمد عميرة – القدس

[email protected]

توطئة

حين أزور الماضي دوما ً أحملُ إليه هدية ً في سلة ٍ فيها الشوق ...

وحين يزورني المستقبل دوما ً يحمل لي هدية ً في حقيبةٍ فيها مفاجأة ...

والحكمُ العادلُ بينهما هو الحاضر .

ضحك الأمس في عيوني فتبسمتُ في طريق الآلام المتعرجة والمنتهية حين مررتُ على أطلال ماض ٍ تأبى ذكراهُ مفارقة ذاكرة ٍ تنسى كثيرا ... كان كلّ ٌ قد ذهب في حال سبيله ولا يدري عن حال خليله ؛ فكأنْ لم نكن ، ولم يكُ شيء إلا وجهٌ من السماء قد قطنَ أرض النكبة .

 وبين هذه الذكرى وذلك الزمن نشأ وترعرع جيلٌ من الأطفال والأشجار ، وصاروا في أعمارنا لما كنا في ذاك الزمن غير أني لا أدري لم التشبّثُ بماض ٍ دهمهُ دولاب أمر ٍ واقع من هذا الجيل ؛ فهذا الجيل الذي وكأنه خيط ٌ طرفهُ الأول تلك الذكرى موجودٌ في طرقاتنا وفي زوايا حاراتنا ولما نتأقلم معه ، وهذا اللاتأقلم زوى تفكيرنا عن ضعف منا أن نعيش واقعنا ؛ لكننا عشنا هذا الواقع تدريجيا بعد اكتساب مهارات من الخبرة منحتنا إياها الحياة ، وعلمتنا أنْ ليس للأطلال كلّ تلك الأهمية ، لكن لم يكن هذا التعلم إلا بعد أن طوى الزمان من أعمارنا سنينا ، وبعد قراءة حروف الأمر الواقع والتي كتبها قلمُ القدر بالعربية ، وكان قد كتب أشياء جعلت بعضا من ذكرياتنا تبدو كذكريات طفل ٍ يتذكر بعد عقود ٍ معلمه الأول ُ حين علمهُ الحرف الأول في الصف الأول .

وكان قلم القدر بخط ّ ٍ عريض قد كتب أشياء سُرقتْ منا سرقها جيلٌ دخيلٌ ممدودٌ بحبل ٍ من الناس هي : ترابنا أشجارنا أعمارنا وشمسنا وهي أشياء لا تنسى ، وهل النكبة ُ تنسى ؟

فإذا رأيت شخصا ً يبتسم وحيدا ً في طريق ٍ وسألته عن سبب بسمته ، فلربما تكتبُ قصة ً طويلة بقلم ٍ مدادُهُ تلك البسمة .