مشعلنا الوقاد

نواف العامر

*يا مشعلنا الوقاد ... أراك تطير بجناحيك ، تحلق بروح جدك الذي جاوز المائة عام في عمان ، تطير إلى سلواد المهد والوهاد ، تنظر حواكيرها ، وأزقتها ، وقصبتها القديمة ، وتبث أشواقك والتحايا ، تمشي الهوينى ، حرك حبات السبحة بذراع العهد ، والقلب يرنو نحو الوطن المأسور ، جنوبا على أعتاب القدس تسير .

*يا مشعلنا الوقاد ... صوتك الهادر في الأنحاء ، كأمواج بحر عكا بوجه الغازي ، كصلابة جدرانها أمام عواء الغاصب ، يتردد صداك (( شدوا حيلكم )) ، يا اخواننا وأخواتنا ، والله إن النصر أقرب الينا مما تظنون .. يأتي الجواب سريعاً من جنبات الأقصى والمرواني وباب الأسباط ، يا ثورة عزي قومي لاقينا ، إنا باقون .. إنا باقون .. ما بقي الزعتر والزيتون .

*يا مشعلنا الوقاد ... يا لسان ثقتي وروح الطمأنينة تفيض من ثناياك .. وعيا وخطابا ، فهما وجهادا ، وروحا وثابة ، تلقي بسمتها نوار اللوز المتفتح من جبال شيبك الابيض يتربع فوق الرأس الشامخ ، كشموخ الجرمق وعيبال وتل العاصور إباءً .

*يا مشعلنا الوقاد .. باعك الطويل يتسع ، والتفاته سيفك المرافق محمد ، مرصع باليقظة ، محروس من رب متعال ، يا أفقنا الرحب ، وحناء فرحنا بالعرس الكبير ، وما أحلى النصر بعون الله .

*يا مشعلنا الوقاد .. عيناك تشع كالصقر ، بالذاكرة تعود لحديث الصادق " إتق فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله "" تعود الى زرقاء يمامتنا ، تسبح في مجدنا التليد ، ترمق الآفاق طهراً ، يا وعياً يزحف نحو الموت ، يا عرساً يزهو بزغاريد الوعد القادم ، من أم النور وحيفا ، نابلس النار وغزة هاشم .

*يا مشعلنا الوقاد .. يا حفيد سيف الله المسلول ، مشعلنا الأروع ، يا جرأة قعقاع العهد الأول ، واحد بألف وألف وألف ، قم صافح مجداً يتلفع بأثواب المقداد بن عمرو ، قم عانق دمعاً على ثغر بدر وأحد ، قم ضمد جرح سمية ، قم رابط فزئير الياسين أسود تتفتح ، قم رافق عطرإبن عمير المصعب .. آه يا وجعي المنبوش .. آه يا جرح الحمزة ورعاف صهيب المأمون .

*يا مشعلنا الوقاد .. يا وجع القدس المأسور ، يا نبض الأحرار ، يا مؤشر عهداً للأوطان ، يا نبض الجفن الباكي للطفل ، جدران الصخرة تنادي لقاء نبيك في المسرى ، عروجاً للأعلى ، هو صوت الآتي للقمة ، قم وأسرج خيلي للعزة .

*يا مشعلنا الوقاد ... لا تنس جموع محبيك ، وترد السحر الى النحر ،كن موسى العزم الفولاذي ، لا تخضع ، خذ درسك من نوح البناء ، رتب مسامير الدم على الماء لتجري ، لا تخش غرقاً أو دركاً ، يا روح البنا الوثابة ، لا يخشى صوت الدبابة ، دع درر القول تمضي بجدائلها ، وأطلق لأطاييب الكلام العنان ، وأُسرج خيل الصبر أحصنة كالعاديات ضبحاً ، وإمض يا فجر زماني ، لا تعبأ بلهاث الواهن ، واركض مع خيط الفجر الأبيض ... فطرك تمرات النصر .

*يا مشعلنا الوقاد ... حلق يا روح الواثق .. هاجم طوفان الخوف .. لاحق مهزوماً للحتف .. وإزرع بذار النصر الأخضر ، وأطرق ابواب العز بالقبضة ، وأنثر باقات الورد بالبسمة ، يا زهر إبائي في العتمة ، يا عزمة مؤمن ِشمير للقادم ، هل بعد العسر سوى اليسر ... قاوم .. قاوم .. قاوم .. قاوم .. فالقادم قادم.