كل عام وأنتم بحرية

آزاد منير الغضبان

آزاد منير الغضبان

[email protected]

كثيرا ما تراودني نفسي بأسئلة لم أعرف إجاباتها

وكثيرا ما عانيت في حياتي  لسبب مجهول ، لم  أفهمه إلا عندما أذن الرحمن لي بفهمه ..

ربما سأحكي اليوم شيئا لم أخبر به أحدا.. من حكاياتي مع نفسي، ومن تجاربي الضئيلة ، ومن استنتاجاتي المتواضعة ..

نظرت نظرة عامة لأكثر الأسباب إيذاء  لنفسيتي

وأعنف المواقف التي مررت بها في حياتي..

وأغزر الدموع التي ذرفتها عيوني ..وأكبر الأسباب التي أنهكت عقلي

فوجدت –بشكل عام – أن لها سبب محوريا وهاما ..

هو أن اسمي معناه الحرية .. ولكل من اسمه نصيب

وكلما أردت خدش هذه الحرية ، أو تشويهها ، أو إنزالها غير منزلتها ، كان للأسى مع نفسي حكايات وحكايات

وفهمت –بعد هذا العمر الطويل الذي قارب على إنهاء عقده الثاني .. أي حرية تصبو إليها نفسي ..وأي ميزان أزنه بها ..وما هي الحقائق التي تدور حول أهم شيئ في حياتي .. وهو معنى اسمي ..

فأي حياة سأعيش لو لم أفهم أن هذه الحرية مبدأ  أوّلٌ من أساسيات الإسلام ، وهي في الوقت ذاته ، دليل على تحضر المجتمع المسلم في أصل تكوينه ، فقد جاء الإسلام ليحرر العالم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، جاء ليحررهم من كل سلطان يمنعهم من أداء ما يريدونه ، وحتى إنه ليعطيهم الفرصة والخيار في الدين لكن بعد هدم كل القيود التي تحول بين الإنسان وبين تبليغه للرسالة .

ولكن ،،، حين يختار الإنسان بحريته دين الإسلام فهنا سيعلن التحرر من كل ما يشين |، ويربط حياته وشعوره وأداءه بأعظم حالة تحرر ، ألا وهي حالة العبودية لإله واحد فقط ، هو من يستحق العبودية .

أي تيه كنت أعيشه ، عندما أسلم قياد قلبي أو شعوري لشخص أو بشر ، فأبالغ في حبه حتى ليغدو هو المسيطر على نفسي وهو الأول في مخيلتي ، وهو الذكرى التي تشغلني عن ذكر الله وعن الصلاة وعن ممارسة عبودية الحب لله قبل أي مرتبة أخرى ؟

 

أي وضع عشته عندما سلمت عقلي بأكمله لشخص أو لبشر –حتى وإن كان عظيما_ ولم أفكر في موازين الهداية التي وضعها الله من حق كل الناس فأقيس عليها ، أو على الأقل أتوثق مما يقال وأبذل جهدا في التفكير وفي القراءة وفي القياس حتى أكون قد برأت ذمتي ممن يستمعون القول فيتبعونه ولا يتبعون أحسنه ..

أي ظلم لنفسي أقدمت عليه عندما عملت عملا كان لي فيه هدف غير إرضاء الله ،إما إرضاءا لأحد ، أو اتباعا لهوى ، فقادني بسلاسله إلى أوحال الحسرة والخيبة لأنه لم يكن قلبي حرا بما يختار ، ولا كانت حريته منبثقة من نور الله ..

أي دموع ذرفتها على كل أرض استغلت واستعبدت من قبل أناس لا يفهمون من الحياة سوى المال والمصالح والشهوات، فأسروها وأحكموا عليها القيد

ونحن ننتظر إسلاما محررا للأرض التي هي ملك للمولى ، وننتظر فتحا قريبا يفتح الله به علينا الأرض من عليائه ..

أي هم وغم كان يراودني لسجن فلسطين الحبيسة في أيدي حثالة البشر ، ونحن ننتظر يوم التحرير ويوم الإنطلاق ويوم النصر..

ننتظر حرية لشبابنا من سجون التقليد الأعمى والانبهار المشوه  بكل ما هو خارج الإسلام من فكر وواقع وحياة ..

ننتظر حرية نعود بها إلى أوطاننا بعد أن أجبرنا قسرا على الخروج منها لأنها لا تحترم الحريات ولا تعبأ بأي حق للإنسان في اختيار عقيدته وفكره ..

وقس على هذا ..قس على حرية القلب والفكر والعقيدة والأرض والوطن..

أليس أمرا بالغا في الأهمية ؟أن نحيا بحرية ؟

ألسنا حين حررنا "أردوغان " من سجن الصمت أجزلت له القلوب الشكر ، والألسنة الدعاء،

ألم يكن في "حصار غزة" طعما مذهلا للحرية في أعماقنا عندما حررتها "حماس" بالإسلام والجهاد والمقاومة ونصر الله ، لينزل عليها نصر المولى وفتحه في حرب الفرقان..

أليس لتذكرنا الحرية في عهود الإسلام نبرة عز وومضات رضا ويقين بالتسليم لدين عظيم كهذا ؟؟

أليس لقافلة شريان الحياة( أسطول الحرية) أسطورة في أذهاننا ستبقى ما بقيت البحار شاهدة عليها وما بقيت غزة وشواطؤها..

أليس الأمر شديد الحساسية أن يحيا المرء وهو فاهم مطبق لمعنى الحرية في حياته ، سائرا بها على نهج دينه ، مسددا ومقاربا ، حتى يصل إلى كل ما يتمنى وكل ما يصبو بهذه الحرية ..

كل عام وقلوبكم حرة .. كل عام وعقائدكم صافية مما يشوبها ،حرة في تصور الإسلام الشامل للحياة ، كل عام وأراضيكم محررة ، كل عام وعقولكم متحررة من سلطان الأشخاص، كل عام وحريتنا في ديننا وفي مجتمع إسلامي يفهَم ويُفهم الحضارة والحرية للبشر، كل عام ونحن للعودة إلى أوطاننا وحرياتنا أقرب، كل عام وفلسطين أبية حرة ، والإسلام دين يضع عنا إصرنا والأغلال التي كانت علينا ويهدينا إلى سواء السبيل.