رسائل إلى القمر
رسائل إلى القمر
1
ياسين سليماني
احترت اليوم من أين أبدأ، وكلّ الكلمات تتناثر من شفتيّ هاربة لا تَقْبَل الجلوس على رمال الصفحات.
عزيز عليّ أن تغادر الجزائر إلى بلد أبغضه كثيرا لشيء واحد كونُه سرقك منّي.
إنّك لم تحزم حقائبك وحدها لتسافر، ولكن مع هذه الحقائب يوجد جزء منّي تأخذه معك، جزء من كياني، أضف له قلبي الذي ما كان يصل موعد سفرك حتى اشتكى البقاء عندي وأراد مرافقة حبيبه الغالي.
تأتي عليّ لحظات أكون أكثر النّاس حزنا، تتساقط دموعي على حروفي... فإذا بدأت قراءة هذه الكلمات فإنّك تقرؤها ممزوجة بالآهات والدموع.
أجلس الآن – وأنا أكتب إليك – في حجرة موحشة تزيد من تعاستي فللّه درّك يا قلبا قلّدني مقاليد الفرح كلّها لأنّه وُجِد في حياتي كشمعة مضيئة في ليل دامس.
فإيّاك أن تنطفئ جذوة علاقتنا، إيّاك أن تنسني مهما حدث، وأنا لن أنساك مهما حصل لي من حوادث الزمن.
أشكو إليك أرقي الذي لا أستطيع التخلّص منه، فحبّك يسكن فؤادي منذ زمن طويل، ولا يمكنني إلاّ أن أفكر فيك خاصّة إذا ما كنتَ بالأمس هنا أراك كالشمس في رابعة النهار وأصبحت اليوم شمسا تغطيها الكثير من الغيوم التي ترمي عليّ الهموم لتبتلي.
ستبقى كلماتك كوحي سماويّ أردّدها في إصباحي وإمسائي، ستظلّ ابتسامتك وآخر عباراتك منقوشة في ذاكرتي، فطبْ نفسا فأنا لا أحبّ أحدا مثلك بسبب وحيد أنّني لم أجد أحسن منك خلقا وأدبا وعطفا.
بحثت كثيرا عن قلب يرحم تشرّدي في أزقّة الحرمان، يُسكنني روحه الخالية من الأحقاد والأضغان، لكنّني لم ألقَ سواك يا صديقا أحبّني فأحببت الدنيا، وابتعد عنّي فتوارت وتلاشت كلّ سعادة.
