يوم العمال عيد لمن لا عيد له

نازك أبو رحمه

[email protected]

كلما وصل الإنسان إلى أكثر درجات البؤس والشقاء ، أقاموا له عيدا للتمجيد ،وقبرا للحياة على كوكب الفقر ،ومأتما  للحروف التي يتمت قبل أن ينطق بها ..

كان يوما كما يقولون للعمال، وأنا أتجول هذا الصباح  داخل أركان غبار المدينة المتناقضة بين أقداح البشر، كان المشهد مختلفا ،عطلة وزعت  أوراقها للجميع  ،وشوارع  قد قلّ فيها ثرثرة الوجع المعتاد، لكنه هو  الهواء الذي  يحمل في طياته  حرارة ألم مخنوقة ، تحاول بث همومها داخل الأنوف المزدحمة بشعيرات التعب والأسى   ،و التي رفضت إعلان ذاك العيد المرقع  بعطلة لهذا اليوم ، والذي  مزقته  جروح العمال الفلسطينيين  التي لم يلتئم عمق أنينها بعد ..

شرفات تبادلت حديث الغزيين بالسكوت ، داخل سيارة تنقلهم إلى أماكن مختلفة فالجميع أجمع على أن هذا اليوم هو ذكرى يجدد فيه  ألمهم ،داخل نطاق البطالة التي تتوسع يوما بعد يوم

فالحصار هو صاحب الطبقات المزدادة خناقا عليهم ،كما والحرب الأخيرة على القطاع أدت إلى زيادة فقدان فرصهم في الحصول على قوت يومهم ،منشآت ومصانع  ومؤسسات هدمت من الاحتلال الإسرائيلي ،فلا اعمار ولا بناء للعمل والعمال ..

تنظر في الوجوه فتجد ملامح مقسمه ،وأخرى لا ألوان ولا حياة تشاطرك  فيها إنسانيتك المفقودة داخل  غزة ، مشاهد ترسم كل يوم دون ريشة تفرغ حدوها وألوانها ،طفل صغير مكانه بيت ومدرسه ،يتخذ الشارع مساحة للعمل ،وآخرين من يكبرونه في السن والهم، يتسامرون داخل مربعات الشطرنج  ليتحكموا بالجنود والوزراء ليسعدوا في النهاية بقول، "كش ملك " فهي واقعية حد الاختناق ، تحرك حياتهم يمينا ويسارا كالدمى ، أما لسانهم فينطقها داخل حدود اللعبة فقط ،علهم  يخرجوا فيها مللهم وضجرهم بسبب فقدان العمل ..

أوتار بحت من كثرة الاحتجاج والاستنكار ،والمطالبة بحقوق العمال الضائعة والتائه مع نسبة البطالة التي تزداد نضوجا في قطاع غزة،فهي  تتراوح  ما بين40الى 60 % حتى أضحى الصمت هو  سيد في الأوجاع ..

لم يعد يمتلك العامل الفلسطيني ، سوى المزيد من الهموم على كاهله، وفيض من الدموع المكلومه في صدره ، أعداد تزاد داخل صفوف الانتظار علّ وعسى هطل الفرج فجأة ،فالجيوب فارغة وقبعات الفقر تنمو دونما توقف،لا حاجز ولا مانع يقلل من سريانها سوى أمل يتجدد حتى ولو دفن جزءا منه مع الأموات ، فلازال هنالك أحياء يستنشقونه كما الدواء والطعام ..

كرسي بات رفيقا لعتبة بيت، أو بجوار شارع ،أو جدار يقرب على الانهيار، ليبادل العامل الفلسطيني حزنه بصمت مع من يصافحونه  كل نهار بسبب بطالته المزروعة بينهم والتي تنمو دونما ماء يسقيها ،فالوجع فقط كاف لان تتكاثر وتكبر..

أكف ازدحم فيها سطور صحيفة امتلأت بتقارير ارتصفت بعناية عن تردى وضع العمال الفلسطينيين سواء في القطاع أو بالضفة الغربية ، فهل ينتظر العالم كي يتحرك اتجاههم بانفجار حبر تلك التقارير عن الكتابة !.