رغيف من خبز المحبة
إلى مائدة "النور" في عيدها
يحيى السَّماوي
أنْ تزرع قمحا ً عراقيا ً في أرض ٍ عربية ٍ، فمغامرةٌ قد تنتهي بالنجاح ، فتنتصب البيادر التي ستملأ صحن المائدة بما تشتهي من الجنى ، ما دام أنّ بين تراب بغداد وتراب القاهرة آصرة كالتي بين الفرات والنيل ...
وأنْ تغرس فسيلة ً من بستان كربلائيّ ٍ في غوطة دمشق ، فأمرٌ مألوف ٌ لو غدت الفسيلة نخلة ً مثقلة ً بالأعذاق ، ما دام أنّ بين بين دجلة وبردى ، آصرةً كالتي بين حيّ " العباسية " وحيّ " السيدة زينب " ..
وأنْ تشتل في سفوح جبل " بيره مكرون " شـتـلـة ً مـن ورود سـفـوح " الأوراس " فـلابدَّ للفراشات أن تحتفي بالعبير ما دام أنَّ بين " وهران " و" وأربيل " آصرة كالتي بين " محمد سعيد الحبوبي " و" عبد القادرالجزائري"
أما أن تغرس نخلة عراقية ً في حقل ٍ سويديّ ٍ ، فذلك هو اللا مألوف ، والرحلة التي لن يصل فيها السندباد الضفة الأخرى ـ ما دام أن طين البصرة لا يشبه جليد ستوكهولم ، ولا ثمة آصرة بين شتاء " مالمو " وصيف " السماوة " اللهمَّ إلآ إذا كان غارس هذه النخلة ، فلاحا ً استثنائيا ، يذيب الجليد المتجمد في جذور النخلة ، بدفء نبضه ، ويسقيها بعرق الجبين ـ وهذا ما حصل فعلا ، حين نجح الفلاح الماهر والعنيد " أحمد الصائغ " وبقية الفلاحين الطيبين العاملين معه في بستان الكلمة الطيبة ـ لا في إنماء الفسيلة لتغدو نخلة ً باسقة ً فحسب ، إنما ، وفي أن تغدو النخلة بستانا ً على سعة الحلم ، مُـثـْـقـَلـة ٌ أشجاره بعناقيد الإبداع وخبز المحبة ... فكيف لا يـُـنيخُ الحداة ُ ، قوافلهم تحت أفيائه وهم يغذون السير نحو المدينة الفاضلة ... المدينة الوطن : نحو عراق ٍ تخلو دروبه من ذئاب الإستبداد وخنازير الاحتلال وضباع الطائفية وسارقي قوت الجياع ، ومن ذوي اللحى المخضبة بالديناميت وحملة السواطير من ظلاميين وأعداء المسرة ... عراق مضاءة صباحاته بشموس التكافل الاجتماعي ، ومساءاته مبللة ٌ بندى الطمأنينة وبخور الرفاهية والمحبة ؟
شكرا للحبيب أحمد الصائغ ، وكل الأوتاد الخيرة في خيمة " النور " .. مع أطيب التهاني ، أزجيها في هذه المناسبة ... مناسبة الذكرى الثالثة لولادة الفسيلة التي غدت نخلة ... النخلة التي غدت بستانا ... البستان الذي أضحى على سعة الأفق .