رسائل تتحدى النار والحصار
رسائل تتحدى النار والحصار
عيد .. دوار .. وغثيان ..
زكية علال
[email protected]
أُحِبُّك يا عبد الله ..
عفواً ..
أقصد.. عيدك سعيد يا عبد الله ..
قبل عشرين نكبة ..
لا
أذكر أننا كنا نهنئ بعضنا بالعيد كما كل الناس ..
كان يكفي أن ينحني نبضك على نبضي ويُقبّله لأعرف أنه عيد ..
يكفي أن يعانق قلبُك خوفي المقيم لأعرف أن العيد قد حلَّ على الكون !!
قبل عشرين خيانة ..
حينها.. كان أطفالنا صغارا.. يرون الوطن في جِبَّةِ أمهم .. وتحت عباءة أبيهم..
كانوا يتعلقون برقبتك ويصرخون ببراءة الأطفال:
ـ
أبي .. نريد كبشا بقرنين نتباهى به في المخيم ..
ـ
أبي ..نحب أن تُحضر لنا الكبش قبل أيام من العيد لنعرّفه على أصدقائنا في المخيم ..
ـ
أبي .. لماذا لا تذبح الكبش بنفسك كل عيد ؟.. عمي محمود يذبح كبشه بنفسه وأولاده
يساعدونه ..
ـ
نريد أن نساعدك يا أبي ..
وكنت أنا أجلس غير بعيدة عنكم، أتعلق بضعفك أمام أطفالك ..
كان المخيم بارداً.. موحشاً.. لكن مرح الأطفال وهم ينتقلون بين الخيام بكباش تستعد
لنحر سعيد، ينشر دفئا يتسلل إلى قلوبنا وعيوننا ..
قبل
عشرين مؤتمر للسلام ..
أذكر أنك كنت تعود من صلاة العيد محملا بكل الدعاء وتنحني على رأسي بقبلة وأنت
تهمس لي "أحبك"
وكنت أرد عليك بحب صامت وانتماء ناطق "أحبك"
اليوم ...وبعد عشرين مؤامرة ..
كبُر الأطفال وعرفوا أن جبة أمهم لا تخبئ وطنا .. وأنّ عباءة أبيهم لا تحضن أرضا
..
فرحلوا ليقيموا وطنا فوق تربة الشهادة
ورحلتَ أنت تطارد سرابا ..
وأجلس أنا وحيدة في هذا العيد ..
أحس
بصداع غريب.. ودوارٍ شديد.. وشعورٍ بالغثيان ..
أحاول أن أردَّ ما في جوفي لأتخلص من هذا الإحساس بالغثيان ..
لكن ماذا بقي في جوفي لكي أردّه وأستريح ؟!!
لا
شيء ..
أحس أنني مفرغة إلا من خيبة تقيم في أمعائي وترفض أن تغادرها .